مسعود بزشكيان.. حكاية طبيب تركي يقترب من رئاسة إيران
أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية اليوم السبت، إن المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان والمحافظ المتشدد سعيد جليلي سيخوضان جولة الإعادة، بعد حصولهما على أعلى عدد من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
وقال محسن إسلامي، المتحدث باسم وزارة الداخلية، السبت: "لم يتمكن أي من المرشحين من الحصول على الأغلبية المطلقة من الأصوات، وبالتالي فإن المتنافسين الأول والثاني اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات سيحالان إلى مجلس صيانة الدستور" للجولة الثانية المقرر إجراؤها في الخامس من يوليو.
ولم يحصل أي من المرشحين على 50 في المئة من الأصوات بعد فرز أكثر من 24 مليون بطاقة اقتراع، بحسب وزارة الداخلية.
وتقدم مسعود بزشكيان بأكثر من 10 ملايين صوت، على منافسه جليلي الذي حصد أكثر من 9.4 مليون صوت، وفقا للنتائج الأولية التي أصدرتها الوزارة.
وكان مفاجئا ان يصل مسعود بزشكيان وهو الطبيب الإيراني ذو الأصول التركية لجولة الإعادة خاصة أنه كان الإصلاحي الوحيد بين 6 مرشحين ينتمون للتيار المتشدد في إيران.
ونحاول في السطور التالية التعرف أكثر على مسعود بزكشيان بعد تصدره نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية واحتمالية أن يكون الرئيس القادم لإيران.
النشأة والتعليم
ولد مسعود بزشكيان يوم 29 سبتمبر 1954 في مدينة مهاباد بمحافظة أذربيجان الغربية شمال شرقي إيران وترعرع في عائلة متدينة تنتمي إلي القومية التركية في إيران.
أنهى بزشكيان الدراسة الابتدائية في مهاباد. ولمواصلة تعليمه التحق بمعهد الزراعة في مدينة أورومية وحصل على دبلوم في مجال الصناعات الغذائية،ونُقل إلى مدينة زابل الحدودية من محافظة سيستان وبلوشستان في عام 1973 لأداء الخدمة العسكرية.
وبعد انتهاء خدمته العسكرية، قرر أن يصبح طبيبا، فحصل على الدبلوم الطبيعي عام 1975، ثم بعد عام تم قبوله في مجال الطب بجامعة مدينة تبريز للعلوم الطبية، وحصل على شهادة الطب العام سنة 1985 وبدأ العمل في كلية الطب مدرسا لعلم وظائف الأعضاء.
وبرز بزشكيان خلال الحرب العراقية-الإيرانية عام 1980، حيث كان مسؤولا عن إرسال الفرق الطبية إلى مناطق القتال، ونشط في العديد من العمليات مقاتلا وطبيبا، وعالج الجرحى في الجبهات القتالية.
وعقب انتهاء الحرب، واصل دراسته الطبية وحصل على تخصص الجراحة العامة من جامعة تبريز للعلوم الطبية، ثم في عام 1993 حصل على تخصص في جراحة القلب من جامعة إيران للعلوم الطبية في طهران، وتم تعيينه على الفور في مستشفى الشهيد مدني للقلب في تبريز، وفيما بعد أصبح رئيسا له.
من الطب إلى السياسة
على الصعيد السياسي، يشتهر بزشكيان بمواقفه المناصرة لحقوق الأقليات القومية في إيران، وسبق وصرح خلال الجلسة العامة للبرلمان في 26 فبراير 2016، إنه "ممتن لأن الله جعله تركيًّا، ولا يحق لأحد أن يسخر من لغة الأتراك وثقافتهم.
ووفقا للمادة 15 من الدستور الإيراني، يجب أن يكون الأتراك والمجموعات العرقية الأخرى في إيران قادرين على الكتابة والتحدث والتعلم بلغتهم الأم في المدارس".
وكان بزشكيان قد بدأ العمل السياسي في عام 1994 حيث عيّن رئيسا لجامعة تبريز للعلوم الطبية، واستمرت رئاسته حتى عام 2000. ثم نُقل إلى طهران وتولى منصب نائب وزير الصحة بوزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي لمدة 6 أشهر في حكومة خاتمي الأولي.
وفي الولاية الثانية لرئاسة محمد خاتمي، حصل بزشكيان على ثقة من البرلمان وزيرا للصحة والعلاج والتعليم الطبي.
وحصلت خلافات بينه وبين البرلمان أدت إلى استجوابه، ومن ثم ترك منصبه، وابتعد عامين عن العمل العام قبل أن يعود ويترشح للبرلمان عن تبريز في عام 2007 وفاز في الانتخابات، وتكرر الفوز لأربع دورات وفي انتخابات مارس 2024 انتُخب مرة أخرى.
في 11 مايو 2013، وفي اليوم الأخير للتسجيل للانتخابات الرئاسية الإيرانية آنذاك، قدم ترشيحه، لكن مجلس صيانة الدستور رفض ملفه.
وفي 26 فبراير 2016، أصبح مسعود بزشكيان النائب الأول لرئيس البرلمان المحافظ علي لاريجاني، واستمر في هذا المنصب حتى عام 2020 قبل إجراء الانتخابات التشريعية في البلاد.
مواقف سابقة
اتحذ مسعود بزشكيان مواقف قوية تجاه سياسات الدولة الإيرانية منها انتقاده للعنف مع المتظاهرين بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل لعام 2009، والتي قوبلت بحملة قمع عنيفة ودموية ضد المحتجين من قبل الحكومة، حيث عطّل خطابه حول معاملة الحكومة للمتظاهرين جلسة البرلمان لفترة وجيزة.
وفي أثناء الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها إيران أواخر عام 2022 على خلفية وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد أيام من احتجازها من قبل شرطة الآداب في طهران، وفي مقابلة له على قناة "الخبر" الإيرانية الرسمية وجه بزشكيان انتقادات شديدة لطريقة التصرف مع الضحية واعتقالها، ودعا إلى الشفافية والوضوح بشأن أسباب وفاتها.
وفي 31 مايو، أكد بزشكيان خلال تصريح أدلى به لصحيفة "العربي الجديد" أنه "في حال ظفره بمنصب الرئاسة الإيرانية، فإنه سيعطي الأولوية في سياسته الخارجية لتوسيع العلاقات مع الدول العربية والإسلامية".
دعم التيار الإصلاحي
يحظى بزكشيان بدعم التيار الإصلاحي في إيران، والذي يوصف بأنه "أكثر اعتدالا" من التيار المحافظ، المعروف بتشدده، وينتمي إليه المرشد الأعلى لإيران علي خامني، والرئيس السابق إبراهيم رئيسي.
وفي 25 يونيو، أعلن الرئيسان الإيرانيان السابقان، محمد خاتمي، وحسن روحاني، دعمهما لبزشكيان، داعين للتصويت إليه من أجل إحياء الاتفاق النووي مع الغرب.
وفي رسالة وجهها إلى الإيرانيين، دعا الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، الناخبين إلى التصويت لبزشكيان، وأكد أن التصويت للمرشح الإصلاحي الوحيد بين المتنافسين الستة، هو السبيل والطريق الوحيد للإيرانيين للتغيير في البلاد.
وعلّق بزشكيان على دعم خاتمي الذي وصفه بـ"الأب الروحي للحركة الإصلاحية"، وقال خلال تصريحات صحفية في 26 يونيو: "أشكر خاتمي على لطفه.. لكن عندما أسمع الثناء الذي يوجهونه لي، أشعر بعبء ثقيل"، مضيفا: "لا أدعو إلا إلى العدل، وأن أكون مساعدا للمحرومين ما دمت على قيد الحياة".
وفي السياق ذاته، دعا الرئيس الأسبق، حسن روحاني، أيضا للتصويت إلى المرشح الإصلاحي، لأنه "مصمم على إزالة ظلال العقوبات وإحياء الاتفاق النووي، والانضمام إلى مجموعة العمل المالي (FATF) وحل مشاكل البنوك والعلاقات المصرفية".
وأعلن روحاني خلال رسالة مصورة في 25 يونيو، دعمه بزشكيان، وقال ملمحا إلى فترة رئاسة رئيسي، دون أن يذكره بالاسم: "أطلب من الشعب الذي تحمل ثلاث سنوات من المشاكل والصعاب والتضخم والتصرفات اللاأخلاقية في الشوارع التصويت للمرشح الإصلاحي الوحيد"
من جهته، قرر وزير الخارجية السابق جواد ظريف الدخول على خط الانتخابات من خلال إعلان دعمه لبزشكيان، والذي عيّنه الأخير بصفة مستشار له في السياسة الخارجية.
وظهر ظريف في إحدى المناظرات الانتخابية للمرشح الإصلاحي، والتي بثت على القنوات التلفزيونية في 19 يونيو، وطرح خلالها رؤية للسياسة الخارجية تركز على "المصالح الوطنية، التنمية الاقتصادية، التفاعل البناء" مع العالم، وتعزيز القدرات العسكرية والأمن الداخلي.
وعلى نحو مماثل، أعلن مهدي كروبي، الزعيم الإصلاحي في 19 يونيو، دعمه بزشكيان، مؤكدا من إقامته الجبرية التي يخضع لها منذ سنوات على ضرورة تحقيق أهداف أساسية لتحسين أوضاع البلاد، مثل تخطي العقوبات، وإحقاق حقوق الشعب، ومكافحة الفساد.