هلال عبد الحميد يكتب: مشروع قانون الاجراءات (الأمنية).. مأمورو الضبط (هي فوضى)
ذكَّرني مشروع قانون الاجراءات الجنائية والذي فاجأت به الحكومة الشعب المصري وقواه السياسية، بالتعديلات التي كان يجريها السادات ومبارك على دستور(71) وتعديلات السيسي على دستور 2014.
غازل السادات الاسلام السياسي الذي كان يستخدمه ضد اليسار بتعديلات على الدستور وفي 22 مايو 1980 قدم السادات للشعب تعديلات ترضي الإسلام السياسي فزادهم ( الـ ) التعريف على المادة 2 من الدستور، الخاصة بالشريعة الإسلامية.
فهللوا وكبَّروا فأمست المادة الثانية:(الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع) بعد أن كانت (مصدر رئيسي).
وأضاف (الـ) وأنشأ مادة لمجلس الشورى ومقابلهما مدَّ السادات مدد حكمه نظريًا باستبدال حرف (د) بحرف (ة) بالمادة 77 لتمسي ( مددًا) .
انتهى شهر العسل بين السادات والاسلام السياسي وقامت الجماعة الاسلامية التي أسسها ومحافظه لأسيوط محمد عثمان اسماعيل بأغتياله في يوم عرسه بذكرى انتصار 6 أكتوبر، واستمتع بالتغيير الدستوري خليفته مبارك الذي جمَّد مصر لمدة 29 عامًا و3 أشهر و27 يومًا منذ حلفه لليمين في 14 أكتوبر 1981، وحتى تنحيه مُجبرًا بعد ثورة 25 يناير 2011.
وكان قد أعيد الاستفتاء عليه 4 مرات قبل أن يُعدل الدستور- استجابة لأصوات المعارضة المطالبة بحعل الرئاسة بالانتخاب من متعدد بدلًا من طريقة الاستفتاء – فاستجاب الرئيس وتم وضع أغرب تعديلات للمادة 76 من الدستور والتي وضعت شروطًا للترشح للرئاسة لا تنطبق إلا على أهل الخطوة - ويُنتخب مبارك للمرة الاخيرة من بين مرشحين في 2005 ليعيد تعديل الدستور مرة أخرى ف 26 مارس 2007 ويعدل 34 مادة من بينها المادة 76 والتي شدد فيها شروط الترشح’ وجعلها مفصلة على وريثه جمال مبارك, ليتم خلعه بعد ثورة يناير.
وبدوره قام الرئيس السيسي في 2019 بتعدل الفقرة الأولى من المادة (140)من دستور 2014 لتمسي ( يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة 6 سنوات ميلادية ’تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه ,ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين) بـدلًا من (يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية ’تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه ,ولا يجوز أن يُعاد انتخابه إلا لمرة واحدة) وبإضافة المادة 241 مكررًا للدستور والتي أضافت لمدة رئاسة الرئيس الحالي سنتين دون انتخابات لتنتهي مدة الرئاسة الثانية في 2024 بدلًا من 2022 وقد أتاحت التعديلات للرئيس أن يظل بالحكم حتى عام 2030
بعد أن كانت مدته الثانية ستنتهي في 2022, فأضيفت له 8 سنوات ، ومر هذا التعديل الدستوري على الرغم من مناقضته الصريحة للمادة (226) والتي تمنع في فقرتها الأخيرة تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية )
بل ومن الممكن أن يترشح لمدتين أخريين إذا فُصل بفاصل ولو قليل جدًا بعد انتهاء المدة الرئاسية الثانية – باعتبار ما كان – .
ربما كانت هذه المقدمة الطويلة مناسبة لحلم تعديل مواد الحبس الاحتياطي بقانون الاجرات الجنائية’ والذي طالبت به المعارضة بالحوار الوطني’ ولكن الحكومة حولته لكابوس بتقديم مشروع قانون كامل للإجرات الجنائية- مشروع قانون يسير على نفس نهج كل التعديلات التي يحلم بها الشعب فتحولها الحكومات لكابوس’ لدرجة أن الشعب أصبح يتمنى العودة للسيء بعد أن يرى الأسوأ !!.
متبسطهاش أكتر من كده !
وكما قال عبدالسلام النابلسي في فيلم ( شارع الحب ) 1959 وهو مُنتج بعد إصدار قانون الاجرات الجناية بـ 9 سنوات.
فبعد أن كانت المعارضة بالحوار الوطني تطالب بتعديل مواد الحبس الاحتياطي بقانون الاجراءات الجنائية’ وإذ فجاة تمطر سماء الحكومة- الغائمة دومًا_ مشروعًا كاملًا لقانون الاجراءات الجنائية’ مشروعًا مكونًا من 540 مادة .
لماذا الإجراءات الأمنية ؟!
المادة (25 ) اعطت المادة صفة الضبطية القضائية لكل من هب ودب بداية من الخفير مرورًا بـ ( ضباط الشرطة وضباط الشرف والأمناء والمساعدون ومراقبوا ومندوبو الشرطة وضباط الصف ومعاونو الأمن ) وبعد أن اعطت المادة كل فرد في الشرطة صفة الضبطية القضائية في 14 بندًا كل بند به عدد كبير من المسميات أجاز عجز المادة لوزير العدل منح صفة الضبطية القضائية لمن يشاء من شاغلي الوظائف العامة بالنسبة للجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم.
فإذا أضيف لهذه المادة العجيبة الغريب مادة تجيز لمأموري الضبط القضائي- اللي ممكن يكون ( حاتم ) في فيلم هي فوضي’ بل أقل منه رتبة بكثير – فيقوم هذا المأمور أثناء (جمع الاستدلالات سماع أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وسؤال المتهم عن ذلك , ولهم أن يستعينوا بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة ويطلبوا رأيهم شفهيًا أو كتابة’ واستثنى عجز المادة من اعمال هؤلاء الضباط فقط تحليف اليمن ( ولا يجوز لهم تحليف الشهود أو الخبراء اليمين ) ولكن نفس الفقرة تجيز التحليف فتقول ( إلا إذا خِيف ألا يُستطاع فيما بعد سماع الشهادة بيمين ) .
تجيز المادة (38) لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح التي يُعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه ) ولم تحدد المادة من من مأموري الضبط القضائي الذي يأمر بالقبض ممن اشتملت عليهم المادة 25 ؟ !
(وعشان كده فوضناك )المادة 63
وبداية من كل المواد الكارثية الواردة بااباب الثاني من المشروع (جمع للاستدلالات ورفع الدعوى) وبفصله الأول حاءت تحت عنوان ( مأموروالضبط القضائي وواجباتهم ) , جاءت المادة (63) لتجيز لعضو النيابة العامة من درجة مساعد نيابة عامة على الأقل أن يندب أحد مأموري الضبط القضائي للقيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم ) .
ولكن حتى استثناء المادة بعدم القيام بالاستجواب عاد المشروع ليعطيه لمأمور الضبط القضائي بعد سطر واحد فتقول عجز المادة ( ويكون لمأمور الضبط القضائي المندوب في حدود ندبه كل السلطات المخولة لمن ندبه , وله أن يجري أي عمل آخر من أعمال التحقيق وأن يستجوب المتهم في الأحوال التي يخشى فيها فوات الوقت متى كان متصلًا بالعمل المندوب له ولازًمً في كشف الحقيقة. )