هلال عبد الحميد يكتب: حوار (الحوار الوطني) بين المحلل والمخلل
تجمعني مجموعة واتس آب مع ممثلين للحركة المدنية الديمقراطية وخبراء المحليات، ونشر عليها صحفي صديق رابطًا لخبر تحت عنوان "الحوار الوطني: خطوتنا القادمة مناقشة قضية الدعم على نطاق واسع ومتخصص بحيادية تامة ودون تحديد نتائج مسبقة".
وكعادتنا نجري نقاشًا حول ما ينشره أي صديق. فقلت مازحًا: "هيناقشوه زي الحبس الاحتياطي كده"، فضحك بعض الزملاء.
وأضفت: "من يوم ما طلعولنا مشروع قانون الإجراءات على أنه استجابة لطلبات الحوار الوطني، وأنا بصراحة مطمئن لمشروعات قوانين الانتخابات خالص، وخاصة مشروع المحليات والنواب. هيطلعوا عنب".
فقال الصديق الصحفي: "طبعًا!".
بينما قالت الدكتورة آمال عبدالحميد، خبيرة المحليات وأمينة أمانة المحليات بالحزب المصري الديمقراطي سابقًا وعضو الهيئة العليا حاليًا بنفس الحزب: "أنا حاسة إن الحوار الوطني ده بقى عامل زي المحلل بتاع الجواز".
فقلت: "أنا قريتها المخلل بتاع الجواز بصراحة".
فردت آمال: "هم فعلاً خلوها خل خالص".
فقلت: "كده تمشي وكده تمشي، لأن الجواز لما يكون شهر عسل على طول كده زي حياتنا مع الحكومة، يبقى عايز حاجة حرشة!"، فضحكنا.
والحقيقة أن الحوار الذي دار بيننا عقب نشر الصديق الصحفي للخبر عن مناقشة الحوار الوطني لقضية الدعم بحيادية يلخص قصة الحوار الوطني بشكل كامل.
فالمتحاورون في الحوار الوطني يتناقشون ويختلفون ويتعارضون، ويشكلون لجانًا مكبرة ومصغرة، ويخرجون بتوصيات، ويرفعونها، والحكومة تكون "لابدة بالدرة" وتطخ الحوار والمتحاورين عيارين وتطلع قوانين ملهاش أي علاقة بالحوار.
وبعد أن باعت الحكومة المرضى وتخلصت من الاستحقاقات الدستورية بالقانون رقم 87 لسنة 2024 المعروف بتأجير المستشفيات، والذي ستجني منه الحكومة أموالًا من المنشآت الطبية بدلًا من الإنفاق عليها بنسبة 3% من الناتج القومي الإجمالي حسب المادة 18 من الدستور، سيتيح القانون للمنوح حق الالتزام التخلص من 75% من الكوادر الطبية، مهددًا استقرارهم الوظيفي.
وبعد أن تخلصت الحكومة من تعيين مدرسين وألغت بعض المواد تخفيضًا لعدد المعلمين، وتشغيل الخريجين بالحصة بدلًا من تعيينهم، فإن الحكومة تسير على التخلص من أعباء المادة 19 من الدستور التي تخصص 4% من الناتج القومي الإجمالي للتعليم قبل الجامعي.
بعد هوجة الجامعات الأهلية، فالحكومة في طريقها للتخلص من 2% الخاصة بالتعليم الجامعي، بعد التحول للتعليم الأهلي (أصبح لدينا 20 جامعة أهلية) وهي جامعات حكومية بمصروفات كالجلمعات الخاصة تمامًا.
بعد محاولات التخلص من كل هذه الاستحقاقات الدستورية المقدرة بنسب دستورية، فإنها تحاول التخلص من أعباء المادة 79 من الدستور الخاصة بتأمين الغذاء للمصريين، حيث تنص على: "لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكاف، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة. كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام، وتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي وأصناف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال".
تسعى الحكومة جادة للتخلص من مبالغ الدعم، وهي ألغت معظمه بالفعل ورفعت سعر رغيف العيش في خبطة واحدة أربعة أضعاف بعد رفع سعره من 5 قروش إلى 20 قرشًا. فهي تسعى الحكومة للتخلص من الدعم بشكل كامل، وتتحرر من كل التزاماتها تجاه المواطنين، وتتفرغ لإسعاد رواد العلمين بعد أن أصبحت مصر "مصرين" والعلم "علمين".
وهذه هي فوائد الحوار الوطني.