ياسر أنور يكتب: وفعلت فعلتك التي فعلت في الهيروغليفية (العربية أم اللغات)
كنا قد أشرنا في أكثر من مقالة أن من معجزات القرآن أن ينقل الخلفية الثقافية والحضارية للقصة التي يحكي أحداثها، وكنا أيضا قد قدمنا أمثلة على ذلك من خلال ذكر بعض المفردات المشتركة بين اللغة المصرية القديمة والعربية مثل: حصحص في سورة يوسف، وتنيا في سورة طه، ومفردات أخرى وتعبيرات مجازية مثل: اشدد به أزري - اضمم إليك جناحك - شهاب - شاطئ الواد، وغير ذلك، وهو أمر مدهش يثبت مهجزة القرآن لكل منصف، ويثبت أنه تنزيل رب العالمين. لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، بل تجاوزه إلى استعمال القرآن لبعض التركيبات اللغوية أو النحوية التي سببت إرباكا أو حيرة لدى بعض علماء المصريات، ومنها المفعول المطلق واسم المرة الذي لا نظير له في كثير من اللغات الغربية، لكنه يعد ركيزة أساسية في النحو العربي.
فكيف يترجم دارسو الإنجليزية مثلا جملة مثل: جرى جريا سريعا وهم ليس لديهم هذه الصيغة اللغوية، لذلك يستعملون ما يسمى ظرف الحال: adverb of manner، وتكون الترجمة: He ran quickly، أي هو جرى بسرعة أو جرى مسرعا. وعندما قابل علماء المصريات هذا النوع من التراكيب المصرية، كان لابد من وضع مصطلح يتناسب مع لغتهم ومنطقهم اللغوي، فأطلقوا عليه مصطلح: complementary infinitive، وهم ما يمكن ترجمته إلى المصدر الإكمالي، أو المصدر المفعول. يقول عالم المصريات الأمريكي جيمس آلن في كتابه عن اللغة المصرية في الدولة الوسطى:
"Egyptian has a special form construction in which a verbal noun is used as an adverbial complement after another form of the same verb."
ومثال على ذلك:
Wbn.k wabnt hpr.k khprt.
ثم يترجمها: أنت أشرقت إشراقة (إشراقا)، وظهرت ظهرة (ظهورا). ولا يخفي أنها هي نفسها الصيغة القرآنية التي استعملها القرآن على لسان فرعون مخاطبا موسى عليه السلام: "وفعلت فعلتك".
والأمر المثير للعجب والدهشة أن هذا المفعول المطلق أو اسم المرة في المصرية القديمة يضيف حرف التاء في نهاية الفعل كما تفعل العربية تماما، وهذا يدل على أن الهيروغليفية لهجة عربية مهما حاول أن ينكر المنكرون.
وسبحان الله رب العالمين.
وفي الصورة يظهر الرسم الهيروغليفي لجملتي أشرقت إشراقة وظهرت ظهرة.