ملتقى الشارقة للخط (تراقيم) يضيء آفاق الإبداع العربي والعالمي
خاص ذات مصر
يأتي "ملتقى الشارقة للخط العربي" في دورته الحادية عشرة تحت شعار "تراقيم"، ليعيد تشكيل حدود الجمال في فنون الخط العربي، وليفتح الأفق أمام إبداع بلا حدود من فنانين ينتمون لثقافات وأعراق مختلفة، يجتمعون جميعًا في إمارة الشارقة، حيث يتناغم الفن مع التاريخ تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، وراعي الثقافة والفن.
ملامح المؤتمر وشعاره
يُعَدُّ شعار "تراقيم" مفتاحًا لفهم المعاني المتعددة التي يمكن أن ينطوي عليها العمل الخطي في هذه الدورة، فهو يعكس دلالات بصرية وفنية تُحرِّك الفنانين والخطاطين إلى آفاق جديدة من التعبير الفني. وقد جاء اختيار هذا الشعار ليُلهم المشاركين تقديم أعمال فنية ترتقي بفن الخط إلى آفاق غير مسبوقة، حيث يحمل معنى الإبداع المتجدد، والمُحفور بصريًا في لوحات وخطوط متكررة ومتجددة تعبر عن أصالة وجمال الخط العربي.
"تراقيم" ليس مجرد شعار، بل هو دعوة لفتح أبواب الخيال أمام الخطاطين والفنانين الذين يشاركون في هذه الدورة، ليقدموا ما يمزج بين التراث والحداثة في فنون الخط. ويتجلى هذا في الأعمال الفنية التي تتنوع بين اللوحات الجدارية، الزخارف الإسلامية، والتجهيزات الفنية التي تروي كل واحدة منها حكاية مرسومة بحرفية وإبداع.
فعاليات الملتقى وأهميته
يشهد الملتقى مشاركة أكثر من 260 فنانًا من مختلف دول العالم، بأكثر من 611 عملًا فنيًا، تتوزع على 94 فعالية تشمل معارض، وورشًا فنية، ومحاضرات، وندوات، كلها تهدف إلى تسليط الضوء على مستجدات الخط العربي، وإبراز إبداعاته المتعددة. وتُقام هذه الفعاليات في أماكن ثقافية عدة في الشارقة، مثل "بيت الحكمة" و"ساحة الخط"، إلى جانب المؤسسات التعليمية والفنية في الإمارة، مما يعزز من حضور الملتقى على مستوى محلي وعالمي.
وتستمر هذه الفعاليات على مدى شهرين كاملين، حيث تُعرض أعمال الفنانين المشاركين في معارض جماعية وشخصية، أبرزها "معرض إحياء الخطوط" الذي يشارك فيه خمسة فنانين يقدمون 67 عملًا في خطوط مختلفة، ومعرض "في حب الإمارات" الذي يضم 16 عملًا خطيًا يعبِّر عن حب الوطن.
تجديد الفن وإعادة إحياء التراث
من أبرز ما يميز هذه الدورة من ملتقى الشارقة للخط، هو استضافتها دولًا جديدة مثل المكسيك وإندونيسيا وسنغافورة، ما يؤكد عالمية الملتقى وتوسعه نحو آفاق جديدة. كما يسلط الضوء على إحياء الخطوط القديمة التي أصبحت غير متداولة مثل الكوفي المشرقي، وخط التوقيع، والثلث المملوكي، وغيرها من الخطوط التي تعود بنا إلى عصور خلت، لكنها ما زالت تحمل في طياتها جمالية وإبداعًا يتجاوز الزمن.
الجانب النظري والفكري للملتقى
يضم الملتقى ندوات فكرية ونقاشات علمية تسلط الضوء على تاريخ الخط العربي ومدارسه المختلفة، مثل الندوة الدولية بعنوان "الخط العربي – مناهج ومدارس" التي تستضيفها "بيت الحكمة"، وتناقش محاور متعددة من بينها "المدرسة العثمانية" و"تجربة إمارة الشارقة" في فن الخط. وتساهم هذه النقاشات في إثراء المعرفة حول هذا الفن الأصيل وتاريخه العريق.
تكريم شخصيات مبدعة
يُخصص الملتقى هذا العام تكريمًا خاصًا لثلاث شخصيات بارزة في عالم الخط العربي، هم الخطاط الإماراتي خالد علي الجلاف، والباحث العراقي د. إدهام محمد حنش، والباحث الإسباني خوسيه ميغيل بويرتا، وذلك تقديرًا لإسهاماتهم الكبيرة في الحفاظ على هذا الفن الأصيل وتطويره على المستويين الأكاديمي والفني.
بالتأكيد، "ملتقى الشارقة للخط" ليس مجرد احتفالية فنية عابرة، بل هو جسور تواصل بين ماضٍ عريق ومستقبل مليء بالتحديات الفنية والإبداعية، وهو ملتقى للتفكير في الجمال والتاريخ والإبداع في آن واحد. يعد الملتقى حدثًا ثقافيًا بارزًا يعكس التزام الشارقة الدائم بتعزيز الفن والثقافة، ويثبت مرة أخرى أن فن الخط العربي هو جوهرة تتألق في سماء الفن العالمي.