هلال عبد الحميد يكتب: خوازيق التحرير

ذات مصر

ترجلت من أمام دار القضاء العالي مارًا بوسط البلد حتى ميدان التحرير

 

أمام مجمع المصالح جلست .

الميدان به مساحات خضراء صغيرة ومتعددة ومحاطة بأقماع قميئة وكئيبة مسلسلة بسلاسل  تبدو متينة لكنها مرخية

كانت هناك سلسلة مقطوعة فجلست على سور الحديقة القصير

كانت الغربان تطوف وتتنقل من نخلة لآخرى بأريحية واسترخاء

كنت اعطي جانبي لمجمع المصالح الذي تحلى بلافتة ضخمة على جانبة الأيمن لمبادرة ( بداية جديدة)، ويبدو أنها مبادرة ما بعد نهاية ( حياة كريمة )

كان عمر مكرم يقف بعمامته وجلبابه رافعًا يده اليمنى ولا اعرف هل رفع سبابته أم الوسطى؟! ، أو هل كان يتحسبن ؟!

بينما كنت أتأمل مبنى الفندق الذي اشترى مبنى الحزب بعد زواله

سُرقت كراسيه المسروقة من كُبارات الحزب، وتحول المقر لفندق بعد أن قال القاضي لرموز الحزب : عودوا إلى مقاعدكم، بينما ما زال بعض من طالبوا بخلع رئيس الحزب الوطني بالسجن ومنهم من فقد  حياته وبعضهم فقد اعضاءه، ولا أعرف الامٓ يشير العلم الذي يعتليه ربما علم الفندق

 لفت نظري بجوار الفندق مبنى جامعة الدول العربية ، وهو مبنى فخيم وتعلوه أشكال تشبه القلل أو الاقماع المحيطة بحدائق التحرير، وممكن أن يكون عددها بعدد الدول العربية- هذا مجرد تخمين-فتذكرت مقولة الرائع الساخر جلال عارف ( للجامعة العربية موقف كبير يتسع لأكثر من مائة سيارة ) ، وهو نفس الموقف الكبير الذي تمكنت الجامعة من إصداره بعد عام كامل من الإبادة الجماعية التي تمارسها العصابة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني ، ولكن دول الجامعة والدول الإسلامية قالت : لن نسمح !!! فحمدنا الله على هذا الموقف العظيم

وتذكرت أنني قرأت معلومة لم أجد مرجعًا لها تقول: إن مكان الجامعة كان سوقًا للحمير قبل إزالته، ولكنني تأكدت أن مصمم المبنى الرائع الخالي من المضمون هو المهندس المعماري العظيم محمود رياض وهو ذاته الذي صمم مبنى الاتحاد الاشتراكي الذي  تحول لمبنى الحزب الوطني  

    استمتع عندما أكون بالتحرير بالصلاة في مسجد عمر مكرم، وهو مسجد بُني في العهد الملكي، وزخرفته مريحة وتعطيك إحساسًا بالعراقة والراحة والاصالة وبناه أحدأهم علماء الأزهر وقتها ويدعى الشيخ محمد العبيط، ولا أعرف سببًا للقب الشيخ، وإن كان اللقب يليق بعدد كبير منا، لأننا نصدق أشياءً غير منطقية،وتتكرر ونعيد تصديقها، وربما لأننا عارفين بس مش قادرين نعمل حاجة ، أو خايفين ندفع الثمن  

ولا أعرف أيضا لماذا أخذ المسجداسم عمر مكرم ولم يأخد اسم من بناه الشيخ محمد العبيط؟! هل لأن الشيخ محمد زينا كده ؟! ربما !!

 

#بينما كنت سارحًا ببصري. سمعت رجلًا يخبط بقدميه أمامي ورأسه تكاد تلمس الأرض لولا أنه مد كفيه،

حمدت الله أن الرجل كان  قويا وتفادى الخازوق

كانت أمامي قاعدة من أسياخ حديدية يبدو انها كانت قاعدة عمود كهربائي تمت ازالته،مددت بصري فرأيت أعدادًا كبيرة من هذه الخوازيق منتشرة بالميدان وخلفها وأمامها الأقماع الحديدية الكئيبة المشدودة بسلاسل تبدو قوية ولكنها مرخية.

 

     مر أمامي رجل في منتصف العمر ويمسك بيجر مما يستخدمه الضباط، وتبدو على مشيته مظاهر الأهمية ، وكرر السير أمامي عدة مرات فتوجست خيفة وكنت أكتب هذا الموضوع فاغلقته وحولته لمسودة، خوفًا من أن يزعجه ، أو ان يكون قريبًا للشيخ محمد أو الشيخ عمر ، خاصة وأنني كنت مريضًا لأسبوع، ولم أخرج إلا لصلاة الجمعة بمسجد ملاصق لبيتي، ومش مستعد أروح المصيف

 

جاء لاصطحابي الصديق علاء عبدالنبي نائب رئيس الإصلاح والتنمية وهو واحد من أهم خبراء الانتخابات بمصر - باعتبار إننا عندنا انتخابات يعني - ، شربت القهوة كالعادة على حسابه بمقهى أرابيسك بالقصر العيني ، وهو مقهى عتيق كنا نجلس عليه طلابًا بكلية دار العلوم بالمنيرة والتي قضينا بقصرها عامًا قبل نقل الكلية لمبناها الجديد بجامعة القاهرة

كنت قلت للرجل الذي كاد أن يسقط أمامي : سلامتك تعيش وتاخد غيرها