هشام الحمامي يكتب: معركة وتحت راية القرآن.. ما العمل؟

ذات مصر

هل نحتاج إلى تذكر أن هذه المعركة التي تدور الأن في الشام وفلسطين، أحد طرفيها أبناء أمتنا، والطرف الأخر الغرب الأوروبي وأمريكا..؟ هم يريدون حماية قاعدتهم المتقدمة في الشرق الأوسط (إسرائيل) ونحن نريد حماية المسجد الأقصى وتحرير ديارنا من هذه القاعدة الغربية/ الأمريكية.

هذه هي الحقيقة كما أنكم تقرأون هذه السطور، وهذه الحقيقة ليست اكتشافا جديدا كاكتشاف جاليليو عن الأرض التي تدور.

بل إنها معروفة لكل إنسان يعرف عن الدين السياسة والتاريخ أدنى معرفة، وهى وعلى ما هي عليه من رسوخ وصلابة، فإن عليها ما عليها من غبار كثيف، صنعه طول الزمن من ترديد كلام لا علاقة له بها، من أول شعب بلا أرض وأرض بلا شعب.. إلى حل الدولتين واليوم التالي في غزة وما وراء نهر الليطاني ..إلخ . 
***
كل هذا مجرد خبث ومكر تزول منه الجبال، و يمارسه الغرب الاستعماري علينا (فكريا واقتصاديا) بامتداد قرنين من الزمان.. ولازال.

هذه الدولة القابعة في فلسطين وبلاد الشام الأن، هي قاعدة أوروبية/ أمريكية في ديار الشرق المسلم .. نقطة ومن أول السطر. 
***
تنقل لنا الصورة أبناءنا وأخوتنا وهم يستعدون ويقاتلون، ولا يخلوا مقطع مما نراه من تلاوتهم القرآن ورفعهم لرايته وآياته .. وهم قاعدون وقائمون ويقاتلون ويقتِلون ويٌقتلون.. سواء كانوا في لبنان أو في غزة. 

هم يقاتلون إذن تحت (راية القرآن)...!!! 

لن أتحدث هنا عن العمق الفكري والنفسي الذي بدأوا منه وبه، وقامت عليه مقاومتهم، وقوامهم كمقاتلين، يقاتلون من أجل قضية إنسانية عادلة، بغض النظر عن موقفك من منطلقاتهم الفكرية التي ابتعث فيهم هذه الهمةوهذا العزم ، من أجل تلك القضية العادلة. 
***
هذا ما نراه ويراه العالم كله، وهم رغم المسخ والتشويه الذى مارسته ولا تزال أجهزة الغرب على فكرة الإصلاح الإسلامي (فكريا وحركيا) على مدى النصف قرن الماضي سواء بالاختراقات، أو سواء بالحاق بها ما ليس منها، 
إلا أن كل محاولتهم لإلحاق المشهد الحالي للمعركة بهذه الصورة المشوهة (داعش وأخواتها) قد فشلت، إلى حد أنهم باتوا يكررونها في سأم وسخف، وأصبحت صورة نتنياهو وهو يتحدث عن الحضارة والبربرية، من أكثر صور الطرافة والتندر والهزل ، خاصة بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي.
***
تنقل لنا الصورة أيضا من الغرب (مشاهد عجيبة)، لم نرها من قبل في تاريخ الصراع الحالي، والذي تدور دوائره من بعد الحرب العالمية الثانية(1945م) هذه المشاهد العجيبة والتي نتابعها على مدار العام الماضي، هي مظاهرات الشوارع والميادين، التي تندد وترفض تلك الحرب الخبيثة في الشرق الأوسط على لبنان وغزة والتى لم تتوقف وتتجدد كل يوم، وفى كل حدث ومناسبة.

هؤلاء المتظاهرون يعتبرون أنفسهم بشكل أو باخر طرف في هذه الحرب التى أكتشفوا خبثها وأذاها، دعك من الجامعات، فهم في النهاية طليعة معرفية وعلمية. 
***
والشيء بالشيء يذكر، فالذي يرى الاحتجاجات في جامعة كولومبيا ومخيم التضامن (50 خيمة) الذى أقامه الطلاب في 17 أبريل 2024م الماضي، مطالبين الجامعة بسحب علاقاتها مع “إسرائيل”.

سيفهم ما هذا الذي يحدث في العالم الأن .. وماذا فعلت طوفان الأقصى من محو كل (أكاذيب القرن)..؟                                                                     
وسنعرف ذلك حين نعلم أنه في نفس الجامعة سنة 2000م قامت مظاهرة مؤيدة لإسرائيل، وضد أحد أهم أساتذتها، إن لم يكن أهمهم جميعا (د/ إدوارد سعيد/ت 2003م) بعد زيارته لجنوب لبنان فى (3/7/2000م) وألقائه حجر عند (بوابة فاطمة) من خلف السور الفاصل بين إسرائيل وحدود جنوب لبنان، بمناسبة الاحتفال بالنصر وانسحاب “إسرائيل”. 
***
وقد أوردت هذه الحادثة لا للتدليل على ما أحدثه الطوفان في الوعى العالمي بحقيقة هذا الذى يحدث في الشرق الأوسط الأن، ولا لأنى أحد قراء ومحبى (أستاذ الإرهاب) العلامة ذو الإشراقة الصادقة د/ إدوارد سعيد رحمه الله .. 
إنما ذكرته لأن الراحل الكبير كان أحد أوائل من صرخوا صرختهم المدوية ضد اتفاق (أوسلو 1993م). 

ولا أنسي جملة الأستاذ هيكل رحمه الله وهو يقول بالجامعة الأمريكية /القاهرة سنة 1994م : أنه طوال الأسبوع الماضي يتلقى مكالمات تليفونيا من د/ إدوارد سعيد وهو يبكى معرفة وشرحا، ومن شاعر الأحزان والإنذار/محمود درويش وهو يبكي شعرا ونثرا، عن هذا الذى فعله السيد ياسر عرفات بنفسه وبشعبه وبنا أيضا .. 
***
جيل كيبيل/69 سنة، الأستاذ بمعهد باريس للدراسات السياسية، وهو بالنسبة للدراسات الإسلامية ودراسات الشرق الأوسط أشهر من أن يُعرّف، قال في تعليقه على (طوفان الأقصى) فور حدوثه: عواقب7 أكتوبر ستهز النظام الدولي كله كما تم تصميمه في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

هذا رجل خطير للغاية، وهو يعنى ما يقوله ويعيه وعيا تاما، وهو في غنى عن التحدث بما لا يٌقال ولا يٌسمع، وما أبعد هذا الرجل بالذات عن ذلك.

والجملة التي قالها (جملة مفتاح) كما يقولون، وستكتسب كمال معناها إذا عرفنا جوهر الصراع الذي كان يدور في العالم وقت الحرب العالمية الثانية، ويتصل أحد أهم روافده بـ (عالم الإسلام)، إذا أرجعنا الأمور لجذورها وعرفنا أن الحرب العالمية الثانية(1939م) قد بدأت يوم نهاية الحرب العالمية الأولى(1918م) كما يقولون. 

وهى الحرب التي كان أحد أهم أسباب قيامها، إنهاء الرابطة الجامعة لعالم الإسلام(الخلافة) والتعامل مع العالم الإسلامي ليس كوحدة واحدة تجمعها (أمة واحدة)، ولكن كوحدات مقسمة، بينها حدود فاصلة، يتم توزيعها وفق خريطة جديدة تماما..!! هي خريطة الشرق الأوسط الأن ..!!
***
الحرب التي تدور رحاها الأن  في محيطنا  الإقليمى هي (حرب الأمة) كلها ، وفى القلب منها القدس والقبلة الأولى، هم في الغرب يحاولون منع تكون سطر واحد من الوعى بهذا التعريف وهذا العنوان. 

ويأخذون العالم وراءهم في لؤم عتيق إلى عناوين صغيرة كما ذكرنا أولا: اليوم التالي في غزة، حكم حماس، حل الدولتين، القرارالأممى 1701، ما وراء الليطاني..الخ..

كل هذا مضى وانقضى، وكل يوم يمر يكشفهم أكاذيبهم ويفضح تاريخهم.. لقد تم كسر تلك الدائرة الشريرة المقفلة ..
الأن قامت المعركة التي عملوا طويلا طويلا على إبعاد رايتها ..(راية القرآن).. فما العمل ؟ 

كل ما تستطيعه وتقدر عليه أصبح فرضا عليك، إذا دعت الضرورة إليه.