محمد سعد عبد اللطيف يكتب: قصور دمشق المهجورة تعوي فيها كلاب الليل

ذات مصر

في منعطف تاريخي خطير ،وزخم من الأراء  والتخوفات وهواجس حول مستقبل سوريا ،وسط صراع كماشة، في الشمال والغرب وصراع الأفاعي بين زحف الكبار لتصفية حسابات دولية،وعويل الدبلوماسية بعد سقوط دمشق .

؟ بين "سلطة وغنيمة وقبيلة "إن السلطة الجديدة التي ولدت من رحم الفصائل المسلحة المعارضة، للنظام السابق التي تمثل صورة السلطة الأن ، تبحث عن قوة مساندة لها لتثبيت أركان حكمها ،، لكنها عثرت عن شعب ضحية مستنزف ومشرف علي الهلاك  لاحول له ولاقوة ..،

السبب لأن جلادها الأصلي زرع فيها الجبن من القوة،عبر سنوات الحكم والحرب ..؟ لذلك تلجأ للتعويض عن قوة خارجية وتعيد نفس السيناريو إستدعاء قوة خارجية  لحمايتها ،وهو تقليد زرعه جلادها السابق لحماية سلطتة مع جلادها الأصلي ـ الغنيمة حصدها "نتنياهو"  في اليوم الثاني لسقوط النظام ،ويحقق مكاسب لإسرائيل علي الأرض  لم تحققها منذ حوالي نصف قرن ويقضي علي حزب الله وطرق الإمداد ،بالإستلاء علي "جبل الشيخ" ويقترب

 

من العاصمة "دمشق"  لتحقق حلمها القديم (إسرائيل الكبري الي نهر الفرات" "وتركيا الكبري "في طريقها الي ريف حلب ،)لتصبح سوريا بين "فك صراع الأفاعي" بين قوتين في صراعي جيوسياسي -استراتيجي " الغالب والمغلوب في ملعب سوريا ،لذلك أخشي ما اخشاه من النظام الجديد ان ينجر وراء الإستعراض لبطولات وهمية ،وفرح ووراء زفة إعلامية مزيفة ويترك هموم وشعب خارج من قمع طويل ما لم ينعطف نحو إعادة بناء البيت السوري من الداخل من تلاحم كل أطيافة وبناء المؤسسات  الديمقراطية، سوف ينحرف وينجرف نحو الهاوية والإستبداد والفاشية.، سوريا تواجه جبان يستعرض قوتة  وشجاعتة الزائفة  ويستغل الظروف على شعب ضعيف وبدون سلطة،لأن نتنياهو  يحتاج الى شهود على شجاعة وهمية للتعويض عن جبن طويل ومعتق، لشعب اصبح اعزل ،،

لكن الشجاع الحقيقي لا يحتاج الى استعراض ولا الى شهود،

المشهد السوري الأن وهواجس من النظام الجديد ،هل التجربة العراقية بعد صدام ،تخوفات ،في الإشارة الي الضحية عندما تحكم تصبح صورة لديكتاتور أخر ولكن بصور مختلفة .."وهذا ما اشار إلية الكاتب والروائي العراقي (حمزة الحسن ) يقول " أن الأخطر من ذلك

 

عندما تنتقل هذه الضحية من الهامش الى السلطة،

من الضحية الى الجلاد، وفي غياب حصانة فكرية عميقة ومصدات أخلاقية واقية وحقيقية ومؤسسات عدالة، توفرت في بناء وترميم البيت السوري من الداخل ، فسوف تمارس كل اساليب جلادها الأصلي بل تتفوق عليه في الخسة والحقارة،

حتى يصبح الجلاد، الدكتاتور، مقارنة بها، كملاذ منقذ من هذا التدهور في نظر البعض وخيبة الأمل.، إن الضحية المتحولة المتسيدة الأن في السلطة  أكثر خطورة من جلادها وهو يشير للحالة العراقية ،  لأنها تعرف عن تجربة موقع الألم واحاسيس الذل التي اختبرتها وتعرف جيداً أين تكون الضربة الموجعة.،،لا تتفوق عليه في التعذيب وفي حيازة السلطة فحسب بل تتفوق عليه في المظاهر، مظاهر السلطة والعيش، من طوابير حراسة، وقصور مرفهة، الى الثراء الفاحش وهذا نموذج العراق بعد صدام ، وكل طقوس السلطة البدائية  والفجة المعروفة، وتصل ذروة النشوة عندما تسكن في قصور جلادها، لكي تعيش متعتين: متعة النصر، ومتعة الإذلال من أجل التخلص من عقدة الشعور بالدونية والجروح النفسية العميقة.كلاهما:  النصر والاذلال ـ على خلفية سلوك سياسي فاشل ومتخلف وأهوج، يجعلان صورتها تتقدم الى الأمام، في

 

حين تتوارى صورة الجلاد أو الدكتاتور في الخلف،

وفي لحظات يأس الناس تتقدم صورة الدكتاتور ويتمنوا أيامه بالمقارنات وتصبح صور أيامه من" الزمن الجميل" كما هو سائد هذه الأيام في بلدان الربيع العربي ،، عندما عاد الناس الى" تلك الأيام" المشؤومة،

هذه الضحية المتسيدة والمتنمرة مهما بالغت في البذخ والغطرسة والجاه والاتباع، لكنها تعيش، كل لحظة، مشاعر الشعور بالدونية والحقارة الداخلية،

دونية يوم كانت ضحية، ودونية يوم صارت سلطة لآنها بلا مشروع بناء دولة غير فكرة الثأر  مع ان الثأر الحقيقي في بناء العدالة والدواء الشافي للجروح العميقة والتصالح مع الذات والآخرين:كيف تتخلص من الدونيتين..؟  الاحتفالات، طقوس التكريم، مواكب المرور الصاخبة، الولائم، خطابات الاصلاح،وكل اساليب الرذيلة عندما ترتدي ثياب الفضيلة.من أي شيء تخاف هذه الضحية المتحولة في سوريا ..؟

من صرخة، من عبارة، من وخزة عابرة، ومن كلام غامض عن نهاية الظلم لأنها تقرأ رسائل يومية مشفرة في كل كلام أو حركة أو علامة عفوية،

تعيش على هاجس مخيف من الآتي والقادم وغير المتوقع، من الانكشاف والفضيحة لأن هذه ذهنية الخائف،

 

لأن عالمها الداخلي، رغم كل استعراض  القوة والبذخ والغطرسة والتباهي الأجوف ، كل مظاهر الجاه، هش ومنخور ومتهالك وقد جربت بنفسها كيف تهاوت بسرعة سلطة جلادها، . يمكن ان تحكم لكن من الصعب على ضحية متسلطة مشحونة بالغل أن تقود. الغل حجاب ،تسعى الضحية  بعد التحول بكل الوسائل لكي تخرس هذه الأصوات والعلامات والاشارات، وهنا يقع ما هو أسوأ:كما وقعت فية الثورة الفرنسية من ثوار الباستيل الحقد والإنتقام .،

هذه الاصوات الساخطة لا تعود تصدر من الخارج فحسب بل من أعماق الجلاد الجديد، وكما البلاد تتهالك وتتداعى علنا وسراً، هو أيضاً يتهالك ويتداعى لكنه عاجز عقلياً واخلاقياً عن الربط بين التداعيين،

وفي لحظة صحو أو يقظة عادية يكتشف ان القوة وهم، وإلا لما كان هو يسكن في قصور مهجورة تعوي فيها كلاب الليل،" هذه الحالة من المستحيل تجنب الارتطام يوماً، يمكن التأجيل، بل حتى الحلفاء يتخلصون منها لأنها لم تلعب الدور المطلوب،

...!! محمد سعد عبد اللطيف ،كاتب وباحث مصري ،متخصص في علم الجغرافيا السياسية