هشام الحمامي يكتب: أوهام الخوف والتخويف من (سوريا وغزة).
يقولون أن سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه كان أستاذ (المحاذير الكبرى) .. وسنرى ذلك واضحًا بقوة حين قال لسيدنا عمر أنه ينبغي علينا دخول مصر، وإلا فعلينا الانسحاب من الشام!
كانت الجملة مفاجئة للفاروق ..
لكنه انتبه إليها باهتمام، ما الذي يربط مصر بالشام؟ وكيف تسنى لعمرو تلك المعرفة التي تجعله يتكلم عن هذه العلاقة بكل هذه الثقة القاطعة؟ لكنه وافقه .. ولسوف يأخذ نابليون بونابرت بهذه النصيحة (العمروية) وينسحب فورًا من مصر (1801م) بعد فشله في غزو عكا (1799م).
سنعرف أن سيدنا (عمرو) كان كثير الأسفار والسفارات، وسنتذكر هنا (جولة الحبشة).
ولسوف يتذكره رضي الله عنه، أخوتنا الأقباط في مصر اليوم (7 يناير)، وكل يوم، بكل خير وهم يحتفلون بعيدهم السعيد، وكل عام وهم بخير.
ذلك أنه حين جاء مصرنا الحبيبة عام (640م)، وعرف ما يتعرض له الأقباط من (مآسي رهيبة) أدت إلى فرار البطريرك الـ 38 لكنيستنا المرقصية (بنيامين الأول) وغيابه 13 سنة، فما كان منه، وفورًا، إلا إصدار وثيقته المشهورة: (الموضع الذي فيه بنيامين، بطريرك النصارى القبط، له العهد والأمان والسلام، فليحضر آمنا مطمئنا ليدبر شعبه وكنائسه).
كما ورد في كتاب (أخبار الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين) وهو كتاب كنسي موثق في تاريخ الأقباط الذين عانوا معاناة رهيبة في ظل الاحتلال الفارسي ثم الأوروبي (البيزنطي).
أصوات من الخارج
سيرسل الاتحاد الأوروبي وزير خارجية فرنسا وألمانيا (ذات البنطلون الأبيض) إلى سوريا، وسيقول الأول: نؤكد أننا سنقف إلى جانب المسيحيين في سوريا، وطبعا رد أخوتنا المسيحيين هناك كان جاهزًا (ما بيهمني كمسيحي يجي حدا يدافع عني، وشوف غيري عم ينظلم) ..
معلهش يا سيدنا سامحه، خده على قد (مؤخرة) رأسه، التي دائمًا ما تزل بصاحبها حين تريد فضحه.
دعونا نذكره بالشاعر الفرنسي الكبير (لامارتين) الذي جاء سنة 1835م إلى الشرق المسلم ومكث عامين وأصدر كتابه الشهير (رحلة إلى الشرق) والذي منعته الحكومة الفرنسية وقتها!
ماذا قال هذا الشاعر ورجل الدولة (كان رئيس وزراء سنة 1848م)؟ قال: فرنسا أمة أصيبت بالملل، وعليها أن تنفتح أكثر على العالم.
شاعرنا الجميل له كتاب رائع عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعنوان (حياة محمد) أمتلئ بالتقدير البالغ لصاحب (الخلق العظيم) كما وصفه رب العالمين.
أوهام الخوف والتخويف
أوهام الخوف والتخويف المكذوب التي يأتي بها المجتمع (اليوروي أمريكي) كل يوم ويوظف إعلامه وساسته للترويج لها، هشة للغاية ومغشوشة جدًا..
وللأسف وجدنا من يستمع لها ويروج لها بالقرب منا، وبلغت عند البعض حد (الاستعداء) غير الضروري وغير المبرر، وغير المفهوم في الحقيقة...
ليس على هذا خلق الله الدنيا يا ناس!
يقولون في الأمثال القديمة (من أجل عين تكرم ألف عين) و(من أجل الورد يُسقى العليق) دعك الآن مما يمثله أحمد الشرع في (سوريا) .. أو ما تمثله حماس في (غزة) .. نتفق ونختلف ونتخاصم ونصطلح .. لكن الحقائق تبقى حقائق، ولا تتوقف عند اتفاق واختصام.
للأسف الشديد جدًا.. هناك (ميراث قديم) قامت عليه حقائق (القوة والسياسة) في الشرق يتمثل في الصدام الدائم والمستمر، مع (حركات الإصلاح والنهضة).
صراع موصول بالخيوط الأولى مع موقظ الشرق (جمال الدين الأفغاني) رحمه الله، وللموضوع تفصيلات كثيرة تتصل بالتحضير الغربي للدولة العربية الحديثة، دولة ما بعد (الخلافة العثمانية) وليس هذا موضوعنا هنا.
لكننا سنجد بعدها أن الصراع الذي كان خفيًا، ويتم تحت الطاولة، أصبح علانية وجهرة من الخمسينيات (أيام العزة والكرامة إياها!)
هناك أجيال رضعت مع (لبن ماما) من اليوم الأول (كراهية واشمئزاز) هذا الخط الإصلاحي التاريخي .. ومن كرامات (طوفان الأقصى) أن مئات الأسئلة قامت على قدميها، ولن تنفع معها كل الإجابات القديمة البالية؟
البحث عن الحقيقة
ليس في الشرق فقط، بل في العالم كله ..
يجرى الآن البحث الأمين عن الحقيقة!
أين.. وكيف غابت؟ ومن المسؤول عن تغييبها وإخفائها..؟
رحم الله صاحب العصا الذي كان قد (أعد للأمور أقرانها) حرفيًا، فيما يتعلق به كبشر، يعلم أن قيوم السماوات والأرض يدبر الأمر كله، وأن عليه فقط إعداد (النفس واليد) إعدادًا جيدًا.. وقد كان..
وها نحن نرى بعد اليوم الـ(459) من أبشع حروب إسرائيل مع العرب، لم تستطع أن تحقق نصرا بالتعريف الحقيقي لكلمة (نصر) ..دم وتدمير فقط.
ولن تهدر قطرة دم، ولن يضيع حجر.
سيحملان ألف رسالة ورسالة إلى الزمن القادم، وأجياله الواعدة الصاعدة وسنرى في الأعوام القادمة ما لا يمكننا حتى مجرد الحلم به، من نتائج وثمار وعطايا وأفضال (طوفان الأقصى) على الأمة كلها
وإن شاء الله سيأتي الغد، الذي سنسمع فيه من يحكي قصتهم قائلا:
بنا استرجع الله البلاد وأمّن** العباد، فلا خوف عليهم، ولا قهر.
وما أقرب اليوم من غد .. ولكل أجل كتاب.