عمار علي حسن يكتب: شاعر يواجه الفساد ويستغيث برئيس الجمهورية

ذات مصر

من وقت إلى آخر أدخل على صفحة الشاعر والكاتب د. البهاء حسين، لعله يكون قد نشر قصيدة جديدة له، أو مقطوعة منها، أو نشر حوارا عميقا أجراه مع أديب أو مفكر، أو يكون قد كتب تعليقا لافتا، أو مقالا نقديا عميقا، فكل ما يكتبه البهاء، وهو اسم على مسمى، يعجبني، ذلك الشاعر المبدع، الذي ترك الجامعة ابتغاء الصحافة، ولاسيما صحيفة "الأهرام" مجذوبا إلى أيامها الزاهرة، حين كانت تطل كل صباح على عيون الناس بمقالات كبار كتاب مصر. 

دخلت قبل أيام، فلم أجد أي من هذه الأشياء، إنما مكتوب أقلقني عليه يقول فيه البهاء: "أجرى، هذا الأسبوع، عملية جراحية باليد اليسرى، نتيجة كسر في المشطية الرابعة، فضلاً عن نزيف بالعين اليمنى، إثر اعتداء أحد البلطجية على شخصى، بتحريض من مهندس يدعى " حسنى عبالهادى" الذى عاود، أمس واليوم، تشوين مواد البناء لاستكمال مخالفته للمرة السابعة، بتواطؤ من حى المقطم .

لست نادماً على اختيار المواجهة، مع علمى بتبعاتها. ليس لدى المستميت ما يخسره. لم يكن أمامى، وقد استنفدت كل الطرق، إلا المواجهة، دفاعاً عن حقوقى وعن 40 روح في طريقها للموت.

العمر سنوات وسوف تنقضى، آجلاً أو عاجلاً، لكن الحياة موقف، فلا تقفوا مكتوفى الأيدى بحجة أن الفساد لا يمكن مقاومته.

تحالف الطمع والفساد في المحليات، أو "الطمع ساد "، وصل اليوم إلى بيتى، وربما يكون بيتك هو المحطة التالية. ليس من الطبيعى أن نتقبل الفساد على أنه قدر .اغضب . السكوت يعزز الجريمة، ولا يكفى أن تحارب الفساد بقلبك. دعواتكم" .

علقت على المكتوب متضامنا معه، ثم هاتفته فحكى لي المشكلة التي يواجهها، وهي على كل حال ليست مشكلة فردية، إذ أن كثرة تكرارها، جعل منها ظاهرة فادحة فاضحة، بل مرضا مزمنا، ضمن أمراض تصيب المحليات التي ارتفع فيها الفساد من الركب إلى الرقاب.

وقد أمدني د. البهاء، وهو نائب مدير تحرير جريدة الأهرام، وعضو نقابتي الصحفيين واتحاد الكتاب، بخطاب وجهه إلى رئيس الجمهورية، يشرح فيه المشكلة بالتفصيل، فيقول: "اشترى المهندس حسنى عبد الهادى سطوح القطعة رقم 6376 بالهضبة الوسطى، الحى الخامس، ش المهندس محمد أبو زيد، المقطم. ويقوم الآن ببنائه بالمخالفة للقانون. ومن أجل ذلك زور مصالحة، في شهر مايو الفائت، على مخالفة لم تُنشأ بعد، وقدم هذه الورقة لشكاوى مجلس الوزراء. 

وقد قام سكان العقار المشار إليه بتحرير المحضر رقم 9494 بتاريخ 15/ 6/ 2023م وتحرير محضر إدارى رقم 29 لسنة 2023م جنح نيابة عسكرية لإزالة الشدة الخشبية التي تم صبها واستكمال البناء فيها. مع العلم أن العقار يعانى من هشاشة الأساس أصلاً، ما يعنى أن سلامته الإنشائية في خطر، ثم إن الصرف الصحى ظل طافحاً في البدروم لمدة سنتين، الأمر الذى يهدد بإزهاق أرواح السكان، فضلاً عن مخالفة البناء للقانون الذى ينص على التصالح في المخالفات التي نشأت قبل صدوره.

وقد اتصلنا برئيس الحى وكل الجهات ذات الصلة، وتمت إزالة الشدة الخشبية بشكل صورى خمس مرات، وفى المرة السادسة أزال الحى السقف الخرسانى فقط، لكن الأعمدة الخرسانية ما زالت قائمة، وتحمل بلكونة عرضه عشرة متر بعمق 120 سم غير مرتبطة عضوياً بأى شيء سوى الأعمدة، لأن السقف وراءها مفرغ، ما يشكل خطراً داهماً على المحلات أسفل العقار والمترددين عليها، وعلى العقار نفسه والشارع برمته، ويقوم صاحب المخالفة حالياً بتفتيت الأنقاض الخرسانية، تمهيداً لمعاودة الأعمال، حيث لم يتعهد بعد في آية جهة رسمية برفع الأنقاض وإزالة الأعمدة بشكل آمن وعدم معاودة المخالفة!

ولأنه يعرف أننى وراء البلاغات للجهات المسئولة حاول إسكاتى بكل الطرق، ومنها الرشوة وعرض شراء بيتى، ولما فشل قام بإرسال بلطجية تعدوا على بالضرب الذى أحدث كسراً في يدى اليسرى ونزيفاً في عينى اليمنى وإصابات أخرى أثبتها في محضر رقم 9582 لسنة 2023م بتاريخ 21 / 7 جنح المقطم، والحاصل أن أكثر من 40 روح يا سيادة الرئيس معرضة الآن للخطر، للأسباب سالفة الذكر.

فضلاً عن أن هذه المخالفة لو تمت، وهو يزمع إنشاء طابقين، لا تعرض السكان فقط لموت محقق، بل تغرى بقية الجيران بانتهاج هذا السلوك، ما سيؤدى بالضرورة لانتهاك خصوصيتى، لأننى أسكن في الطابق المقابل للسطوح المخالف. 

رجاء التدخل لضمان سلامتى الشخصية، خاصة أننى رفضت التصالح مع المعتدى، الذى تم إلقاء القبض عليه، لكن المحرض، المهندس حسنى عبالهادى، ما زال حراً.

أرجو يا سيادة الرئيس أن تتدخل لإنقاذ أرواح لا ذنب لها سوى أنها بلا صوت."

انتهت رسالة د. البهاء إلى الرئيس، فيما كان قد وضع أسماء كل المسؤولين المعنيين في مكتوبه على حسابه في "فيسبوك"، وأتمنى أن تجد آذانا منصتة، وألا تتباطأ الإدارات المختصة حتى نجد هذا الشاعر والناقد والكاتب المبدع قد أوذي أكثر، بعد أن يتمادى خصمه في عدوانه، حين لا يجد رادعا.

إن محبي البهاء من الشعراء والروائيين وكتاب القصة والمسرحيين والنقاد والصحفيين قد تضامنوا معه، كتابة على "فيسبوك" أو بمهاتفته للاطمئنان عليه، وكل هؤلاء، بل غيرهم من المواطنين الذين يضنهيم فساد المحليات، ينتظرون حلا ناجعا لهذه المشكلة.