الشهيد زكريا أبومعمر.. «سفير السلام» بين مصر وحماس

ذات مصر

اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الثلاثاء، اثنين من قادة حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، في قصف صاروخي مستمر على قطاع غزة ردًا على عملية المقاومة الناجحة «طوفان الأقصى».

القصف الإسرائيلي على القطاع، اغتال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، زكريا أبو معمر، ورفيقه في المكتب جواد أبو شمالة، في أول عملية تطال قادة من الحركة منذ بدء الحرب في القطاع المحتل يوم السبت الماضي.

المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية، هو أعلى هيئة قيادية في "حماس" ويترأسه يحيى السنوار ويضم أعضاء من قطاع غزة والضفة الغربية والخارج، يعدون أبرز الأسماء المؤثرة في الداخل الفلسطيني.

من يكون زكريا أبومعمر؟

يحاط الغموض جزئيًا ببعض قيادات حماس، وتاريخهم السياسي ومكان وجودهم، ولا يبدو التعرف عليهم سهلًا في ظل الهجمات المستمرة من قوات الاحتلال على القطاع والضفة الغربية، وسعيه الدؤوب للقضاء على المقاومة في فلسطين.

لكن القيادي بحركة حماس، زكريا أبومعمر، يبدو من سيرته مجهولًا بالخارج لكنه في الدوائر الداخلية والقيادية في الدول المجاورة والهيئات الدولية «ذائع الصيت»، خصوصًا لانتمائه لإحدى أكبر العائلات في غزة.

زكريا أحمد أبو معمر، صاحب الـ50 عامًا بزغ اسمه على الساحة الإقليمية في السنوات الأخيرة، كونه اختير رئيسًا لمكتب العلاقات الدولية، فضلًا عن كونه مسؤول العلاقات الوطنية والتنسيق مع الفصائل الفلسطينية.

كعادة الفلسطينيين انخرط القيادي الحمساوي، في صفوف المقاومة منذ صغره وتقلب في أحداثها على مدار عقود ليكون لاحقًا من المقربين من زعيم حركة حماس الحالي، ومرعب إسرائيل الأول، يحيى السنوار.

رحلة الصلح بين الفصائل

احتل معمر العديد من المراكز القيادية في حركة حماس، فكان رسول تخفيف المعاناة عن الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، وامتد نشاطه إلى أن أصبح مسؤول التواصل مع القوى الوطنية الفلسطينية في عصرها المظلم المليء بالتفكك والانقسام.

لعب معمر دورًا حيويًا في مفاوضات الفصائل على مدار السنوات الماضية لرأب الصدع بينهم وتقريب وجهات النظر، ولدوره المؤثر ولغته الهادئة اختير لاحقًا ليشارك في اجتماعات الفصائل التي عقدت في بعض الدول، وخصوصًا مصر.

لغة معمر جعلته متحدثًا لبقًا باسم الحركة، ورسولها المستمر لعرض قضايا المقاومة، وأزمات القطاع في وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية، ليخرج رد حماس على دعوة السلطة الفلسطينية لاجتماع مع الفصائل في القاهرة.

معمر، بدأ حديثه حينها بالتشديد على أن حركته «لا تضع فيتو على أي لقاء وطني»، لكنه في الآن نفسه أراد التحذير من تخوفاتها بـ«انحراف الاجتماع عن مساره أو تفريغه من مضمونه وتحويله إلى مظاهرة إعلامية وخطب منبرية».

في القاهرة، كان لمعمر دورًا حيويًا في تقريب وجهات النظر على أمل إنهاء الانقسام، وحلقة وصل حيوية بين الأجهزة المصرية والحركة خصوصًا في ظل القلق المصري من دور حماس الداعم لجماعة الإخوان الإرهابية بعد أحداث ثورة 30 يونيو 2013.

الراحل كان دائم التواصل والزيارات للقاهرة لمحاولة رأب الصدع الموجود، والتقليل من التوترات المستمرة بين الجانبين، لتنجح جهوده بمساعدة بعض قائدة حماس في إيقاف النزيف في العلاقات، وعودة مصر لمساعدة القطاع خصوصًا بعد شن الاحتلال هجمات على القطاع خلال الأشهر الماضية.

طوفان الأقصى

ومع استعداد كتائب القسام خلال الفترة الماضية لشن هجمات «طوفان الأقصى» على الاحتلال، لعب معمر دوره الأخير في سجل مقاومته الاحتلال، بإطلاق تصريحات مضللة عن وضع حماس، وتغييب العقل الإسرائيلي كما هو مخطط.

الشهيد كان أحد فرسان المشهد الأخير في تخطيط الحركة لمهاجمة الاحتلال، واستطاعت رسائله إنجاح حرب المقاومة، ليتمكن في النهاية جيش الاحتلال من قتله في غارة إسرائيلية على حي الرمال وسط غزة فجر اليوم، ليستشهد مع وزير اقتصاد حماس، جواد أبوشمالة.

إسرائيل احتفت بقتله الثنائي، لكنها أبرزت حادثة استشهاد معمر، ليقول جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيانها بشأن الحادثة، إنه نفذ الكثير من الأعمال للتحريض والعمل ضد دولة الاحتلال وتعريض سكانها للخطر.

وتابع جيش الاحتلال: «كان من المعروف أن أبو معمر كان من المقربين من يحيى السنوار، وكجزء من دوره، كان ينتمي إلى المنتدى الرفيع المستوى في المنظمة، وبالتالي كان مشاركًا في صنع القرار في الحركة والتخطيط للعديد من الخطوط العريضة والإجراءات ضد أمن دولة إسرائيل».

وعد الاستكمال

وقالت حركة حماس في بيان لها وصل وكالة "صفا": "بأسمى آيات الفخر والاعتزاز وبمزيد من التسليم بقضاء الله وقدره، تزفّ حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى شعبنا الفلسطيني وأمّتنا العربية والإسلامية وإلى أحرار العالم: الشهيد القائد المجاهد عضو المكتب السياسي للحركة في غزة زكريا أحمد أبو معمر (50 عاماً)، والشهيد القائد المجاهد عضو المكتب السياسي للحركة في غزة، جواد أبو شمّالة (50 عاماً)، اللّذين استشهدا إثر قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة الليلة الماضية"

وأضاف بيان الحركة: "أنه إزاء استشهاد أولئك القادة العظام فإننا نؤكّد أن مسيرة الشهادة التي تمتزج فيها دماء القادة والجند من أبناء حركة حماس بدماء شعبنا المرابط الصامد في غزة وفي كل أرجاء الوطن والشتات، فداء لأرضنا ومقدساتنا، وذوداً عن كرامة شعبنا وأمّتنا العربية والإسلامية ستستمر حتى كنس الاحتلال عن أرضنا وقدسنا وأقصانا المبارك، وتحقيق تطلعات شعبنا في التحرير والعودة".