«الإهمال» يدمر أجهزة الفشل الكلوي في مستشفى إمبابة.. والمرضى: أنقذونا من الفساد
«حرام اللي بيحصل فينا، بقالنا حوالي أسبوعين بنعاني ومش لاقيين أجهزة غسيل كلوي تخفف عننا الآلام المستمرة، وتساعدنا على اللي إحنا فيه.. لو كان معانا فلوس كنا روحنا من أول دقيقة لكن ما باليد حيلة"، بهذه الكلمات بدأ أحد مصابي الفشل الكلوي يحكي مأساة مستشفى إمبابة العامة.
آلام المرضى تتصاعد
مستشفى إمبابة العام أو مستشفى «الموظفين» كما يطلق عليها الغلابة، هي الملجأ الأول لأهالي إمبابة والمناطق المحيطة بها، خصوصًا مرضى الفشل الكلوي، وكان الجميع مضطرًا لقبول العلاج بها رغم حكايات الألم والمعاناة المرتبطة بها سواء بالنسبة للمرضى أو الأطباء أو الممرضات.
يكمل «أبومحمد»، والذي التقته «ذات مصر» وهو يفترش الأرض في ممرات المستشفى، وسط مجموعة من المرضى: «نصف الأجهزة في الوحدة التي نعالج فيها خرجت عن الخدمة منذ نحو أسبوعين، دون توضيح من إدارة المستشفى عن سبب عطل الأجهزة أو موعد حل الأزمة، ورغم مناشدات الأطباء والإداريين لكن لا حل».
وفقا للجمعية المصرية للكلى، يوجد في مصر 8 ملايين مواطن يعانون من الفشل الكلوي، يواجه 25% منهم خطر الوفاة سنوياً، في حين لا تتجاوز النسبة العالمية للوفاة بهذا المرض 10%، ومن ضمن الأسباب الرئيسية في حدوث تلك المشكلة وجود عدد كبير من المرضي على قوائم الانتظار.
وذكرت الجمعية أن المريض الواحد يحتاج لـ3 مرات غسيل أسبوعيًا طوال حياته، ويؤدي عدم إجراء الجلسة، أو عدم إجرائها بكفاءة، إلى ارتفاع نسب الكرياتين والبولينا، وحدوث احتباس مائي قد يؤدى إلى إعاقة المريض عن العمل، وقد يؤدى الى الوفاة.
«الأجهزة باظت»
وأيدت مريضة أخرى تصريحات «أبو محمد»، مضيفة: «البعض يقول إن أجهزة الغسيل الكلوي (اتحرقت) بسبب انقطاع التيار الكهرباء عنها، لكن إحنا مالناش ذنب في كل اللي بيحصل دا، سواء الأجهزة باظت بسبب انقطاع الكهرباء أو غير ذلك، عايزين حقنا من الدولة».
مريضةٌ أخرى التقتها «ذات مصر»، وطالبت بإيصال شكوى الأهالي إلى المسؤولين، مشيرةً إلى أنها تلتقى مرضى الفشل الكلوي مرتين أو أحيانًا ثلاث مرات أسبوعيًا، لكن مؤخرًا أصبحت تلتقيهم كل يوم بعد تعطل الأجهزة خلال الأيام الماضية.
وأضافت المريضة، أن كل ما يتردد بالمستشفى يؤكد أن الأجهزة «باظت» نتيجة انقطاع الكهرباء عنها ولا يوجد سبيل لتصليحها، مبينةً أن المدير مُتعنت في حل الأزمة ما جعل الأيام تمر والمشكلة تزداد سوء بتكدس المرضى أمام عدد قليل من الأجهزة التي لازالت في الخدمة.
الكهرباء تحرق 4 أجهزة
«ذات مصر» تيقنت من تعطل 4 من أجهزة الفشل الكلوي الـ10 الموجودة في إحدى وحدات علاج الفشل الكلوي في المستشفى، ورصدت خلوها من المرضى رغم وجود العديد من المرضى المنتظرين لدورهم في تلقى جلسة العلاج.
مصدر من داخل المستشفى رفض الكشف عن اسمه، قال لـ«ذات مصر»، إن القسم يواجه أزمة منذ نحو أسبوعين، بعد حدوث مشكلة في أحد كابلات مولد الكهرباء الذي يستخدم في حال انقطاع التيار الكهربائي، متابعةً: «بعد خروج نصف الأجهزة الموجودة بالقسم عن الخدمة أصبحنا في موقف صعب».
وأردف المصدر: «الأمر أصبح مُعقدًا جدًا وصعبًا للغاية خصوصًا بالنسبة للمرضى الذين ينتظرون لساعات طويلة لتلقي العلاج، بالإضافة إلى أن المستشفى استلمت قوائم لمرضى جدد بالفشل الكلوي من أهالي فلسطين، ولم نعد قادرين على تقديم الخدمة الطبية لهم بسبب الأزمة».
مشكلة إدارة.. والتخلي عن المرضى
وأوضح المصدر أن المشكلة الأكبر تتمثل في رد فعل الإدارة وعدم اتخاذها إجراءات لتجاوز الأزمة، مكملةً: «مدير المستشفى رفض تصليح الأجهزة على نفقته الشخصية كما وجهته الوزارة، مُعللاً ذلك بأنه ليس له يد في العُطل، وأنه (حدث عارض) خارج عن إرادته سببه الحقيقي عطل أحد كابلات المولد الكهربائي وليس حدث ناتج عن إهمال شخصي».
وبين المصدر، أن الأيام الأخيرة شهدت أزمة كبيرة، بعد تبليغ الإدارة لعدد من المرضى بعدم توافر علاج لهم في ظل تعطل الأجهزة، مشيرًا إلى أن الإدارة لم تخبر المرضى بموعد جديد لتلقي العلاج، أو حتى تحويلهم إلى مستشفى أخرى ما يهدد حياتهم في ظل استمرار معاناتهم.
الصحة ترد
«ذات مصر» تواصلت مع مصدر مسؤول بوزارة الصحة، والذي شدد على أنه من المستحيل خروج أجهزة طبية داخل أيًا من مستشفيات الوزارة عن الخدمة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، منوهًا بأنه وزارة الصحة اتخذت الإجراءات اللازمة لتجاوز أزمة انقطاع الكهرباء الحالية.
وذكر المصدر، أنه "لا يمكن حدوث ذلك، فالوزارة لا تترك مجالًا لتأثر المستشفيات بانقطاع الكهرباء، فلدى كل المستشفيات التابعة لها على مستوى الجمهورية ما يكفي من المولدات الكهربائية ما يحول بين تضرر أي منهم بفصل التيار الكهربائي".
وأكد أن المسؤولية بالنسبة لمستشفى إمبابة العام، وما يحدث في قسم الغسيل الكلوي يقع على عاتق الإدارة وحدها وليس أحد آخر، مشددًا على أن تخلي مدير المستشفى عن مسؤوليته سيعرضه لعقوبات شديدة من قبل وزارة الصحة قد تؤدي لإقالته من منصبه.
أزمات قديمة
مشكلة مستشفى إمبابة لم تقتصر على تلك الأزمة، فأزماتها عرض مستمر كغيرها من مستشفيات القطاع العام، ففي شهر أغسطس انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، والمجموعات التي تهتم بالشؤون الصحية نص استقالة جماعية لأطباء العناية المركزة.
أطباء العناية المركزة، قالوا إن استقالتهم بسبب «التعسف الإداري» ضدهم، موضحين أن المستشفى تواجه عجز شديد في أطباء الرعاية المركزة ما يؤدي إلى تعطيل العمل داخل العناية المركزة وعدم إعطاء المريض حقه من خدمة طبية كاملة بسبب العجز الشديد في الأطباء.