حى الزيتون.. مخالفات واتهامات فساد على عينك يا تاجر

ذات مصر

حي الزيتون، أحد أقدم الأحياء المصرية، لم يُتوقع أن يتنشر الفساد ويتوغل ليلا ونهارا دون رقيب أو حسيب، فضلا عن ضرب موظفي الحي عرض الحائط بالقانون لمعاونة معدومي الضمير على مخالفة القانون.

في الفترة الماضية، شهدت منطقة الزيتون اتهامات فساد غير مسبوقة تمثلت في مخالفات معمارية وهدم عقارات جرى إنشاؤها دون ترخيص، بجانب التلاعب في أوراق عقارات وفلل داخل المنطقة لخداع القانون.

رائحة الاتهامات فاحت، حتى أن عدد الشكاوى والبلاغات في العام الجاري كان كبيرا جدا، واتهام المواطنين موظفي الحي بمعاونة مافيا تعمل على هدم وإنشاء عقارات مخالفة  مقابل إتاوات مالية أو هدايا تتمثل في عقود تمليك شقق سكنية.

واتهموا الموظفين ورئيس حي داخل المنطقة الشمالية بالحصول على شقة هدية في عقار مخالف بحي الزيتون، مستشهدين بأن حي الزيتون يضم حسام فوزي نائب رئيس المنطقة الشمالية والعديد من رؤساء الأحياء والموظفين في عقار واحد.

وفي جولة ميدانية لموقع" ذات مصر" للتحقق من اتهامات الفساد المنتشرة داخل حي الزيتون وجدنا أحمد المحمدي، أحد السكان يهمس في صمت مع بعض الشباب على المقهى بحثًا عن عصام مصطفي الشهير بعصام دقدق "المقاول" وفي نفس الشارع وجدنا عبد الحليم موظف المتابعة بالمنطقة الشمالية، يجلس على مقهى في آخر الممر، وينظر حوله بريبة وقلق حتى تم التقاطه.  

خلال عامي 2012 و2013، وفي ظل انشغال الأجهزة المعنية بمتابعة الأوضاع الأمنية في البلاد ومواجهة الاضطرابات السياسية، انتشر داخل الحي إنشاء العشرات من العقارات المخالفة، من خلال هدم العقارات الصغيرة والقديمة سواءً بترخيص أو دون ترخيص، وإنشاء عقارات بديلة تتخطي الـ12 دورًا دون رخص ومخالفة للرسومات الهندسية المخصصة طبقا لمساحات الشارع، ورخص الإنشاء، بمقابل شقق سكنية بالتقسيط المريح.

وتداولت حكايات عديدة عن حصول موظفين ومسؤولين في حي الزيتون على هدايا بأسماء ملاك سوريين حتى لا يقع أحد تحت طائلة القانون، مشيرةً إلى رفض بعض الموظفين الحصول على شقق سكنية واستبدلوها بمبالغ مالية مقابل عدم اتخاذ أي إجراء قانوني ضد المخالفين وناهبي مكتسبات الدولة المصرية.

شكاوى المواطنين زادت بكثرة خلال العام الماضي حتى وصلت إلى نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية حسام فوزي الذي أصدر تعليمات لرئيس حي الزيتون، بتشكيل لجنة مكونة من أحمد م، ومحمود ر، موظفي المتابعة والإزالات بالحي، وإزالة المخالفات وبالفعل التقطت صور نشرت على صفحات وجروبات حي الزيتون، والصفحة الرسمية لنائب المحافظ لكن الواقع على الأرض لم يتغير.

الحملة توجهت إلى عقار 13 شارع فارس جرجس متفرع من شارع سنان ، بتاريخ 4/10/2023، وتمكنت خلال تواجدها من رصد مخالفات، ورصد تكون العقار المقرر إنشائه من "دور أرضي مكون من أعمدة خرسانية وشدة خشبية لأعمدة الدور الأول فوق الأرضى"، وأسرع موظفي حي الزيتون بفك الشدة الخشبية لأعمدة الدور الأول فوق الأرض بشكل روتيني حتى يظهر أمام الجميع أنه أزال المخالفة، ولكنها إزالة وهمية لالتقاط الصور الدعائية، ولم تتم الإزالة كما هو مقرر قانونًا.

المفارقة أن لجنة أخرى توجهت إلى العقار في 9/11/2023، ورصدت مخالفة جديدة تمثلت في الانتهاء من صب أعمدة الدور الأول بعد إعادة المقاول تركيب الشدات الخشبية وصبها، رغم وجود موظفي الحي في شارع فارس جرجس باستمرار.

وكشف مواطنون أنه ترددت أنباء عن اتفاق موظفي الحي مع مالك العقار على السماح له بالبناء وعدم اتخاذ إجراء ضده، مشيرين إلى أنه بعد الشكاوى اتفقا الجانبان على القيام بإزالة وهمية لتهدئة المواطنين، وهو ما حدث بالفعل.

وفي الجولة الميدانية لموقع "ذات مصر" اكتشفنا أن العقار أصبح دور أرضي وبوابات حديدية ودور ثاني أعمدة خرسانية وشدات خشبية لسقف الدور الثاني وشدات خشبية على وجهة العقار وشدة مخصصة لتركيب الونش ووجود "مواد خرسانية من أسمن وسن ورمل" لبدء لحظة إصدار التعليمات من معدومين الضمير ناهب مكتسبات الدولة، لاستكمال  

صور تذكارية لإزالات وهمية 

واشتكى العديد من سكان الحي من ضوضاء أصوات إنشاءات معمارية  في العقار رقم 7  شارع محمود سالم متفرع من شارع محطة الزيتون الشرقية، وعلى إثر ذلك، توجه أحمد سمير رئيس حي الزيتون وموظفي الحي بعد تعليمات من حسام الدين فوزي نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية إلى المنطقة لكن دون اتخاذ أي إجراء ضد العقار المخالف.

موظفي الحي زاروا موقع العقار الذي تعدد الشكاوى من العمل بإنشائه فجرًا، في أيام 16 و17 و21 وصدر قرار بوقف الأعمال وإزالة بعض قواطيع المباني الداخلية من الطوب الأحمر بالدور الأرضي دون إزالة الأعمال المخالفة، 

لم تقتصر وقائع الفساد على ما ذكر سلفا، ففي تاريخ 23/11/2023، توجه أحمد م موظف حي الزيتون للمرة الرابعة لإيقاف الأعمال المخالفة، وتفاجئ الجميع أن المخالف قد انتهى من صب سقف الدور الأول فوق الأرضى، وتجهيز أعمدة الدور الثالث، بالإضافة إلى وجود مواد بناء من طوب وحديد وأسمنت موضوعة أمام العقار تمهيدًا لصب الأعمدة.

ولم يتوقف المخالفات داخل شارع محمود سالم بل تطور الأمر لبث أفكار لاغتصاب المال العام وتلاعب في أعداد أدوار الترخيص بعقار ٩ شارع محمود سالم متفرع من شارع محطة الزيتون الشرقية بتاريخ ١١/١١/٢٠٢٣ توجه  خالد سعد وكريم جودة موظفي الحي إلى العقار 9، وكانت المخالفة بناء الدور الرابع فوق الأرضي من أعمدة وسقف خرسانى وحوائط من الطوب الأحمر وشدة الخشبية للأعمدة الدور الخامس فوق الأرضي مخالفا لترخيص البناء المنصرف للعقار المذكور بإضافة لدور كامل مخالف وصب أعمدة خرسانية لدور أعلى الدور المخالف ومع ذلك قام الحى بتكسير عمودين خرسانى وعمل "شنيشة" بسقف الدور الرابع بالأرضى ولم يقم بإزالة المخالفات حيث إن العقار مازال تحت الإنشاء حتى أصبح العقار 6 ادوار وتجهيز اعمدة الدور السابع، واكد غفير بالشارع أن العقار يتم استكماله إلى الدور الـ12 بالاتفاق مع "بتوع الحي"  
وبتاريخ ١٤/١١/٢٠٢٣  توجه عماد جدو، واحمد محمدي، وكريم جودة، موظفي حي الزيتون للعقار ذاته المخالف وكانت المخالفة  الانتهاء من صب سقف الدور الخامس فوق الارضى الذى قام الحى بتكسير عمودين من نفس ذات الدور بتاريخ ١١/١١/٢٠٢٣ ومع أن العقار تحت الإنشاء لم يقم الحى بتنفيذ إزالة سوى تكسير عمود وتمكن المخالف من بناء دورين مخالفين مخالفاً لترخيص البناء، كل ذلك يحدث في غياب تام من أحمد سمير رئيس حي الزيتون بسبب عدم إصدار التعليمات من حسام الدين فوزي نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية بتشكيل حملة والتوجه لمعاينة الأدوار المخالفة والاطلاع على الرخصة واتخاذ الإجراءات القانونية.

وفي سياق متصل، صدر لعقار ١٠ شارع منير من سليم الأول الزيتون البحرية، ترخيص بناء برقم  ١١ لسنه ٢٠٢٠ المنصرفة بتاريخ ١٧/١٠/٢٠٢٢ ويقضى الترخيص ببناء دور ارضى، ودور أول ميزانين، ودور ثان، و٢٥% خدمات، وتوجه أحمد سمير رئيس حي الزيتون، ومحمود رفعت، واحمد محمدي، وكريم جودة، موظفي الإزالات والمتابعة، بحي الزيتون إلى العقار بتاريخ 23/10/2023، لمتابعه أعمال إزالة بناء مخالف وفك الشدة الخشبية لمخالفته منطوق الترخيص وفك موظف الحي الشدة الخشبية للأعمدة الدور الخامس فوق الأرضى وعمل بعض الفتحات والشنايش بسقف الدور الرابع فوق الأرضى.

وبالمعاينة الميدانية اكتشف أن مالك العقار خالف الرسومات الهندسية المنصرفة لترخيص البناء بعمل بروزات بدور الميزانين بطول واجهة العقار، وخالف منطوق الترخيص واستكمال دور ٢٥%الخدمات وقام ببناء الدور الثالث فوق الأرضى بكامل مسطح العقار، واستكمل بالدور الرابع فوق علوي، والآن شد خشب أعمدة الدور الخامس، وتجهيز خشب تركيب الونش لرفع مواد البناء لاستكمال البناء ووصل ما يحدث إلى الحى بوجود مخالفات بالعقار المذكور والعديد من الشكاوى من سكان الشارع المشار إليه ولم يتخذ أي إجراء ضده والاكتفاء بالتقاط الصور الدعائية.

الغريب في الأمر أن الموظفين تجاهلوا تنفيذ الإزالة فى المهد طبقا للكتاب الدورى الصادر من مجلس الوزراء بجلسته رقم 24 بضرورة الالتزام باتخاذ إجراءات الإزالة الفورية المباني والعقارات المخالفة تحت الإنشاء  دون انتظار الدراسات والموافقات المختلفة.

الأمر تكرر أيضًا في 10 شارع منير، وجرى إضافة دورين مخالفين متجاوزين قيود الارتفاع القانوني وفقًا لعرض الشارع، فضلًا عن استعداد المخالف بإنشاء دور ثالث، ولم يتخذ الحي أي إجراء.

وبالحديث مع حارس العقار، أكدا أن الإنشاءات تعمل بشكل مستمر وبالاتفاق مع موظفي الحي بعدم المساس بأي شيء، وأكد أحد السماسرة أن الشقة بالعقار تتخطي الـ 800 ألف جنيه لأول دورين أما الأدوار المخالفة فتبلغ قيمتها 720 ألف جنيه، منوهًا بأن ارتفاع الأسعار بسبب حصول موظفي الحي على إتاوات من كريم ا صاحب العقار.

وشدد السماسرة بالشارع أن كريم سيعمل على ارتفاع العقار المخالف لـ12 دورً مثل العقارات المخالفة بالشارع والمنطقة بالاتفاق مع موظفي الحي الذين يحصلون على مبالغ مالية مقابل عدم التصدي لوقوف الإنشاءات المخالفة، وفق حديثه.

وصدر الكتاب الدورى من مجلس الوزراء إلى جميع المحافظين على مستوى الجمهورية،  بجلسته رقم ٢٤  المنعقدة برئاسة الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بتاريخ 27/12/2018، وأكد على جميع المحافظين، كل في محافظته الالتزام باتخاذ إجراءات الازالة الفورية للمباني والعقارات المخالفة تحت الانشاء دون انتظار الدارسات والمواقف المختلفة وبصفة مستمرة، وفي إطار متابعة وتسجيل ما تقوم به الأحياء من أعمال وجهود في هذا الشأن - يرجى موافاتنا بتقرير أسبوعي "يوم الخميس" عن كافة اعمال الازالة "تحت الانشاء -محالفة- صادر لها قرارات إزالة- لم يصدر لها قرارات إزالة" بتوقيع لواء أركان حرب/ عاطف عبد الفتاح عبد الرحمن، أمين عام مجلس الوزراء.

وتنص المادة "59" من قانون البناء، على أن توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإدارى، ويصدر بالإيقاف قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم يتضمن بيانا بهذه الأعمال.


ووفقا للمادة، يكون للجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم اتخاذ ما تراه من إجراءات تكفل منع الانتفاع بالأجزاء المخالفة أو إقامة أى أعمال بناء جديدة فيها، كما يكون لها التحفظ على الأدوات والمهمات المستخدمة فى ارتكاب المخالفة ولمدة لا تزيد على أسبوعين ما لم تأمر النيابة العامة بخلاف ذلك بشرط عدم الإضرار بحقوق الغير حسن النية.

وتضع الجهة الإدارية المختصة لافتة فى مكان ظاهر بموقع العقار مبينا بها الأعمال المخالفة وما اتخذ من إجراءات أو قرارات فى شأنها، ويكون المالك والمقاول والمهندس المشرف على التنفيذ مسئولين عن إبقاء هذه اللافتة فى مكانها واضحة البيانات إلى أن يتم تصحيح الأعمال المخالفة أو إزالتها.

وحدد قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 حالات البناء والمخالفات التي يحاسب عليها القانون، والتي يتحملها المخالف نتيجة لمخالفة الأحكام المنصوص عليها، ونظم القانون كل ما يتعلق بالمخالفات وكيفية الحكم عليها والتصالح فيها، والعقوبات التي يتعرض لها المخالفين في حالات تم تحديدها، ونصت المادة (60) من قانون البناء الموحد على 6 مخالفات يتحمل فيها المخالف أو المالك تكاليف إزالة المخالفة بالطريق الإداري، وهذه المخالفات هي:
1- المباني والمنشآت والأعمال التي تقام بدون ترخيص.
2- الأعمال المخالفة لقيود الارتفاع المقررة قانونا والصادر بها قرار المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية.
3- التعديات على خطوط التنظيم ومناطق الردود المقررة بالاشتراطات.
4- الأعمال المخالفة لتوفير الأماكن التي تخصص لإيواء السيارات.
5- التعديات على الأراضي الخاضعة لقانون حماية الآثار.
6- المباني والمنشآت والأعمال التي تقام خارج الحيز العمراني المعتمد للمدينة أو القري.

ويصدر هذا القرار من المحافظ المختص دون التقيد بالأحكام والاجراءات الخاصة بإيقاف الأعمال ولا يجوز التجاوز عن إزالة هذه المخالفات.