أحمد عطا يكتب: الإليزية في مواجهة الحلفاء
لم يكن يعلم شارل ديجول مهندس الجمهورية الفرنسية الذي ولد في مدينة ليل الفرنسية، أن حلم الجمهورية الفرنسية التي شبهها بزهرة الأوركيدا قد تحول إلى كابوس.. لم تعد قطع "الملفي" المغطاة بصوص الشوكولاتة الباتشي تغري زوار باريس وتداعب أحلامهم.
وما بين أزمات الماضي وتحدياته وانقسامات الحاضر، حاول إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي استنساخ مبادرة (سلم الشجعان) التي استخدامها ديجولفي محاولة منه استمالة قيادات الثورة الجزائرية عام 1958 ولكنه فشل برفض قيادات الثورة الجزائرية للمبادرة الفرنسية الشيطانية.
وقتها كان الهدف منها إفشال الثورة الفرنسية والقضاء علي قيادتها، ولكن هل سينجح إيمانويل ماكرون في الخروج من حزمة الأزمات الداخلية والخارجية !
في نفس السياق أبدأ بحزمة الأزمات الداخلية، والتي بدأت بعملية ميرخان الفرنسية وهي العملية التي قررت فرنسا فيها هيكلة قواتها في مالي بعد عدة سنوات صاحبتها فشل ممنهج في مواجهة عناصر تنظيم القاعدة والقضاء عليهم بناءً علي طلب من البرلمان الفرنسي قبل ثلاثة سنوات بعدم جدوي وجود قوات فرنسية تكلف الحكومة 2.8 مليار يورو.
وهو ما أزعج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأن فرنسا تملك أكبر مشروع استثماري للتنقيب عن الغاز في دولة موزمبيق مناصفة بين شركة توتال الفرنسية وأيكسون موبيل الأمريكية بقيمة 20 مليار يورو، وخاصة أن هذا المشروع صار هدفاً لعناصر تنظيم القاعدة التي تحاول استهداف الاستثمارات الفرنسية في أفريقيا.
أما الملف الثاني والذي أنهى علي العلاقة بين فرنسا وأمريكا قبل 4 سنوات عندما تعاقدت فرنسا علي تصنيع غواصة نووية لأستراليا ولكن أمريكا أفشلت هذه الصفقة وتعاقدت مع إستراليا وقدمت عرض أفضل من فرنسا وقتها وتصاعدت الأزمات بين فرنسا وأمريكا وعرفت بدبلوماسية الزوارق الحربية واستمرت الأزمة بين فرنسا وأمريكا حتي الأن بسبب الغواصة النووية.
ثم توالت بعد ذلك الأزمات في وجود انقسام بين الحكومة والمعارضة في إرسال قوات فرنسية الي أوكرانية وهو ما يلقى معارضة شديدة من كافة الأحزاب، وترى أن فرنسا تحملت على خلفية هذه الحرب حزمة من التبرعات والدعم إلى أوكرانيا وصلت إلى 1.7 مليار يورو دعم مباشر مالي وليس تسليحي.
في نفس السياق صعد علي المشهد السياسي خلاف يتعلق بأحقية المرأة الفرنسية في إجهاض نفسها كحق أصيل لها، ولكن طلب البرلمان أن يكون هناك ضوابط في تنفيذ هذا الحق في حدود حالات محددة، وهو ما قوبل بالرفض بين شريحة كبيرة من الأحزاب السياسية التي أصرت أن تكون عملية الإجهاض حق مطلق للمرأة الفرنسية ومازالت الأزمة مستمرة وتتصدر دوائر النقاش السياسية، حتي باتت تهدد شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تلاحقه الأزمات والانقسامات في الداخل والخارج.
ولكن هناك أزمة كبرى غير معلنة تواجهها فرنسا وهي تراجع مبيعات السلاح بشكل عام ومبيعات الطائرات المقاتلة الفرنسية بأنواعها المختلفة بسبب الإقبال على شراء الطائرات المسيرة القتالية التي تصنف أقل تكلفة وأكثر فعالية بعد ما تبين ذلك في حرب غزة واستخدامها بمعرفة الحوثي التي حصلت عليها من إيران وكان لها أثر مباشر في استهداف السفن وتهديد الممرات المائية.
وقد انخفضت مبيعات السلاح الفرنسي بنسبة 45% عن نفس الفترة من العام الماضي أي قبل حرب غزة، وتعكف أسواق السلاح المختلفة علي تطوير تكنولوجيا الطائرات المسيرة نظرا لزيادة الإقبال عليها في النزاعات المسلحة، من المعروف أن هناك شراكة تصنيع بين تركيا وأوكرانيا في صناعة الطائرات المسيرة، لهذا لم يبقى من فرنسا سوى مدينة موناكو مدينة الجمال والمليارديرات، مدينة المآركآت العالمية أما باريس العاصمة فهي تحمل غضب مكتوم لم يخرج بعد.