إبراهيم عبد المجيد يكتب: تذكروا هذا اليوم.. إلى الأبد

ذات مصر

هذا كتاب صادر حديثا عن دار النهار اللبنانية، للصحفي والكاتب حسين جرادي، الذي التحق عام 2004 بقناة الحرة في واشنطن، حيث عمل معدا ومقدما للبرامج السياسية حتى عام 2018، وغطى خلال تلك الفترة أربع انتخابات رئاسية، أو انتخابات للكونجرس، وتابع انتخابات 2020 الرئاسية التي انحصرت بين دونالد ترامب وجو بايدن، وما حدث من هجوم لأنصار ترامب على الكابيتول في السادس من يناير عام 2020، وهو الآن مستقر في مؤسسة النهار في بيروت في إدارة التحرير.

عنوان الكتاب " تذكروا هذا اليوم إلي الأبد" وله عنوان فرعي هو" ترامب من الرئاسة إلى التمرد"
السؤال الذي مشي معي وأنا أقرأ الكتاب، والرجاء أيضا، أن تتم ترجمة هذا الكتاب الرائع إلى اللغة الإنجليزية مثلا، وهو عن يوم أميركي لا يُنسى، وما قبله وما بعده، عاصره مشاهدا أو متابعا للأخبار والقنوات الأميركية، وقارئا للصحف والكتب التي صدرت عن هذا اليوم، أو الحياة السياسية الأميركية. كم المراجع مذهل وعظيم وكتابه لا يقل عن أي منها. الجهد الذي قام به في تحقيق الأمر يذكرك بأعاظم الصحفيين مثل محمد حسنين هيكل.

واللغة التي يكتب بها تغريك بالمتابعة وعدم التوقف، رغم أن الكتاب ليس صغيرا. هو في أربعمائة صفحة من القطع الكبير، لا تستطيع أن تتركه إلا بعد أن تنتهي. ناهيك عن الحيلة الفنية فالكتاب عن يوم السادس من يناير2021،  يوم هجوم أنصار ترامب علي مبني الكابيتول الأميركي حيث يوجد مجلس الشيوخ والكونجرس، والذي قال ترامب فيه لمناصريه "تذكروا هذا اليوم إلى الأبد " ها هو كاتبنا الكبير يتذكره في عمل تحقيقي عظيم ولن ينساه أحد. رغم أن الموضوع لا يخص بلادنا، لكن متي كانت أميركا بعيدة عنا وعن مصائرنا! 

الكتاب من فصلين. الفصل الأول يشغل أكبر مساحة. حوالي ثلاثمائة صفحة. ثم يأتي الفصل الثاني في حوالي مائة صفحة. لفت نظري وأنا أقرأ أن عناوين كل فصل، وهي أكثر من ستين عنوانا للفصل الأول مثلا، تأتي كعناوين جانبية، وليست بداية فصول متتالية. أدركت أنها كلها تجليات ليوم واحد، وما يثيره هذا اليوم أو أثاره في عقل وروح الكاتب، من أحداث سابقة له أو تالية، وهكذا يتحقق البناء الدرامي للعمل فيزيد من جاذبيته.

يبدأ الكتاب بترامب يدخل سجن مقاطعة فولتون بولاية جورجيا في مساء الخميس 24 أغسطس عام 2023 ليتم احتجازه لعشرين دقيقة متهما بالابتزاز الانتخابي، والتآمر للتلاعب بالانتخابات الرئاسية عام 2020 ، ثم يتم إطلاق سراحه بكفالة قيمتها مائتي ألف دولار. ثم يتهادي الكتاب أو يتدفق.

في يوم الأربعاء السادس من يناير 2021 بدأت تتشكل ذروة الصدمة التي ستبقى ماثلة في وجه واشنطن لأمد بعيد، تتويجا لأربع سنوات سابقة من رئاسة ترامب. كان قد تبقي أسبوعان على موعد انتقال السلطة، بعد إجراء شكلي يقتضي تصديق الكونجرس على فوز بايدن في انتخابات الثالث من نوفمبر 2020. ترامب يعلن رفضه للخسارة ساعيا مع محاميه لإثبات أن تزويرا قد حدث في الانتخابات، وحرمه من ملايين الأصوات لمصلحة المرشح الديموقراطي. المتطرفون الذين يؤازرون ترامب وآلاف المناصرين له، يتوافدون إلي العاصمة واشنطن، ويقتحمون مبني الكابيتول ومشاهد من سلوكهم وتصرفاتهم بالتفصيل، من اقتحام المكاتب إلى الاعتداء على الحرس والإصابات بينهم أو بين قوات الحرس. ترامب هو صاحب الدعوة التي قال فيها " نقاتل بشراسة، وإن لم نفعل ذلك لن تكون لنا دولة بعد الآن.. سنسير في اتجاه الكابيتول وسأكون معكم " لقد عزز ترامب حرية الإعلام الأعنف متسلحا بحسابه على تويتر، مغرقا أياه بتغريدات متلاحقة عن سرقة الانتخابات، رغم إشارات التحذير التي كانت تتذيل كل تغريدة من الموقع، تشكيكا من الموقع نفسه بصدقيتها ومضمونها. طبعا سنقطع رحلة مع تويتر أو الفيسبوك أو أنستجرام وغيرها من المواقع التي حرمت ترامب من التغريد، فأقام لنفسه منصة بعنوان" تروث سوشيال". كتب صدرت بعد الانتخابات يعود إليها حسين جرادي مثل كتاب " خطر" للصحافي الأميركي بوب وودوارد وزميله روبرت كوستا، ومثل كتاب" أنا وحدي يمكنه الاصلاح" للصحافيان في الواشنطن بوست كارول لينيج وفيليب راكر. وفيه كيف لم يكن ترامب مقتنعا أن يفوز غيره. وغيرهما.

يوما بيوم ولحظة بلحظة نمشي مع ماجرى. فظهر السبت السابع من نوفمبر 2020 حسم الفوز لبايدن في الولايات، وتبقى الفوز في المجمع الانتخابي في الرابع عشر من ديسمبر. النظام الانتخابي في الولايات المتحدة لا يكتفي بالانتخابات الجماهيرية في الولايات، لكن لا بد من موافقة المجمع الانتخابي. أعضاء  المجمع الانتخابي 528 عضوا هم مجمل أعضاء الكونجرس بمجلسيه الشيوخ والنواب. وحدث ذلك في الرابع عشر من ديسمبر .

فاز بايدن ب 306 صوتا مقابل 232 صوتا لترامب. بدأت تهاني بايدن ونائبته المرتقبة كاميلا هاريس من الخارج. هنأه رؤساء من أوربا وغيرها مثل ماكرون من فرنسا وانجيلا ميركل من ألمانيا وبوريس جونسون من بريطانيا ورئيس المجلس الأوربي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوربية أورسولا فون ديرلاين وغيرهم. ومن العالم العربي الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتأخرت تهنئة السعودية لليوم التالي، وطبعا نص كل تهنئة. على الناحية الأخرى كان ترامب يعيش مع استراتيجية الفوز المسروق وتصفية الحساب مع الديموقراطيين.

رحلة مع العاملين مع ترامب وأسماء هامة في مواقعها، مابين المؤيد والمعارض لترامب. دعاوى من حملة ترامب عن تزوير الانتخابات وفشلها كلها وعدم اقتناع ترامب بذلك. كان من أبرز دلائلهم مثلا أن مضايقات حصلت للمندوبين الجمهوريين بهدف إلزامهم بالتباعد الاجتماعي لمسافة مترين بسبب الكورونا، بينما لم يطبق ذلك على مندوبي الديموقراطيين، ومن ثم مطالبتهم بإعادة الفرز في بعض الدوائر. أو أن عُمال فرز الأصوات في مقاطعة مثل ماري كوبّا ارتكبوا أخطاء تقنية في تشغيل آلات الاقتراع، مما أدى إلى تجاهل كثير من الأصوات، ولابد من احتساب تلك الأصوات. طالبوا بإبطال 221 ألف صوت في  ولاية ويسكنسون، لأن أصحابها لم يحضروا بأنفسهم، بل اعتمدوا التصويت بالبريد. كان موضوع التصويت بالبريد من أهم ماشكك فيه ترامب وحملته، ولقد حدث ذلك الشكل من التصويت بسبب الكورونا.

كثير من الاتهامات أقيمت بها دعاوى فشلت كلها، ولم يقتنع ترامب. تمشي مع ماجرى في كل دعوى علي حدة في الكتاب، وكيف فشلت وكيف أعلنت وزارة العدل ووزيرها وليام بار في الثاني من ديسمبر، أن الوزارة لم تتوصل إلى أي أدلة تدعم مزاعم ترامب وحملته. من أبرز الدعاوى دعوة ستكون الشغل الشاغل للوسط الإعلامي والقضائي، لا سيما أن ترامب وقادة جمهوريين بارزين وضعوا ثقلهم لإبرازها، والقيام بضغوط كبيرة على القضاء والمحكمة العليا للأخذ بها، قبل أقل من أسبوع على اجتماع المجمع الإنتخابي وتصديقه علي نتائج الإنتخبات وفوز بايدن.

أقصد دعوى المدعي العام لولاية تكساس كين باكستون بنفسه، يطلب فيها إبطال نتائج الانتخابات في أربع ولايات فاز بها بايدن، وهي ولايات جورجيا وويسكنسون وميتشيجان وبنسلفانيا، حيث غيرت سلطاتها القضائية ومسؤولوها التنفيذيين قوانينها الانتحابية بسبب جائحة كورونا، مما يدل على أنها عملية غير دستورية، فهذا أمر منوط بالسلطة التشريعية فقط . حظيت الدعوى بدعم ترامب ومشرعون جمهوريون، لكن في وقت متأخر من مساء الجمعة 11 ديسمبر، رفضت المحكمة العليا بشكل قاطع مبررات المدعي العام لتكساس في دعواه. قال قضاة المحكمة التسعة، ومنهم ثلاثة كان قد عينهم ترامب، أن تكساس التي صوتت لصالح ترامب، لا يحق لها التدخل في الإنتخابات في ولاية أخرى.

في يوم الاثنين 14 ديسمبر 2020 قُضي الأمر واقر المجمع الانتخابي بايدن رئيسا للولايات المتحدة. تمشي في الكتاب مع أسماء هامة من انصار ترامب تخلوا عنه أو استمروا معه ومعركته معهم او اتفاقهم مثل مايك بنس نائب ترامب أو رودي جولياني محاميه الشخصي أو ستيف بانون كبير الاستراتيجيين السابق في البيت الأبيض أو برنارد فنسبرجر سكرتير ولاية جورجيا الجمهوري أو جيسون ميلر مستشار ترامب أو غيرهم كثير، وكذلك أسماء هامة من الحزب الديموقراطي، بتفصيل دقيق حادثة بأخرى ويوما بيوم وساعة بساعة، ومع معارك انتخابية نصفية لمجلس الشيوخ في ولاية جورجيا التي كانت الأغليية فيها للجهوريين، لكن في عام 2021 استقر الأمر للديموقراطيين. رغبة ترامب قبل التخلي عن الحكم في استدعاء الجيش ورفض قادته الحاليين والقدامي أن يُزج بالجيش في السياسة. لقد اصدروا بيانا انتهى بقولهم" إن الجهود الرامية إلى إشراك القوات المسلحة الأميركية في حل النزاعات المتعلقة بالانتحابات، ستأخذنا إلى منطقة خطرة وغير قانونية" لقد وقع على البيان وزراء دفاع منهم سابقون مثل اشتون كارتر وليون بانيتا ووليام بيري وديك تشيني وجيمس ماتيس ومارك إسبر، والأخيران كان قد عينهما ترامب، وغيرهم.  لعلنا في العالم الثالث نفهم والله. وهذا التعليق مني أنا.
حديث كبير كما قلت عن التجهيز للهجوم على الكابيتول. ترامب يغرد في 19 ديسمبر معلنا عن تظاهرة كبيرة في واشنطن في السادس من يناير. يقول "كونوا هناك . ستكون جامحة" ومانشرته الصحف من ترقب، وأخبار مسربة عن كيف سيتجاوز الأمر الهتافات إلى تهديدات بالعنف، والدعوة لإقامة " معسكر مسلح" في ساحات الناشيونال مول، وهو المتنزه الشهير قرب البيت الابيض. حديث ترامب على المنصة وخلفه البيت الأبيض إلى الحشود أمامه وخلفه يقول الكثير. مما قاله: " جميعنا هنا اليوم ولا نريد أن نري فوزنا الانتخابي يُسرق من الديموقراطيين اليساريين الراديكاليين وهو ما يفعلونه، ويُسرق أيضا من وسائل الإعلام الإخبارية المزيفة. لن نستسلم ولن نتنازل " ومما قاله أيضا: " هل يعتقد أي شخص أن جو حصل علي 80 مليون صوت؟ هل يصدق أحد ذلك ؟ كان لديه 80 مليون صوت كومبيوتر. إنها وصمة عار. لم يكن ثمة شيئ كهذا. خذ دول العالم الثالث على سبيل المثال. انتخاباتهم أكثر نزاهة مما مررنا به في هذا البلد. إنها وصمة عار. وصمة عار".  شهد لنا ترامب كتر خيره. هههههه. وهذا تعليقي أيضا. 
حدث الهجوم  علي مبني الكابيتول وتفاصيل الهجوم ومن مات فيه أو اصيب بالأسماء، وكيف سارع بايدن بالطلب من ترامب التدخل مباشرة لحض مناصريه على مغادرة الكابيتول فهذا "اعتداء غير مسبوق على الديموقراطية الأميركية". كيف كانت ردود الفعل مؤثرة في ترامب فظهر بعد دقائق في شريط فيديو يدعو أنصاره للمغادرة، لكن مع تأكيد ما قبل الهجوم في شأن "نتيجة الانتخابات " لقد أُضطر إلى ذلك بفعل الضغوط. رؤساء أميركا السابقون مثل أوباما وبوش وبيل كلينتون كلهم لم يكونوا مع ترامب وما فعله. 
حدثت محاكمات للمقتحمين فيما بعد. هنا رحلة السير مع المحاكمات والتعرف عليهم والجماعات التي يمثلونها مثل "كيو أنون" المؤمنة بنظرية المؤامرة، وبراود بويز" الأولاد الفخورون" و" أوث كيبرز" أو حراس القسم التي كانت مثل ترامب الذي شيطن حركة " حياة السود مهمة" باعتبارها ماركسية. أحاديث عن هذه الجماعات من قبل وكيف نشأت ومشاهيرها أو زعمائها وأفكارها الشوفينية والعنصرية. لقد كان الأسبوعان بعد الهجوم على الكابيتول عصيبان. هذه ليست أميركا. عبارة دارت في رؤوس الكثيرين خوفا من تغيير بدأ يطل برأسه من أميركا المستترة ، وجاءت مواقف دولية من حلفاء أميركا معترضة، منها موقف بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني وإيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي وانجلينا ميركل وغيرهم كثير، حتي نتنياهو الذي أيده ترامب في كل الأكاذيب ومنحه القدس كاملة. طبعا يؤيده بايدن الآن في مذابحه الجماعية لغزة وأهلها!. الحديث في الكتاب عما جرى لا يعني تاييدا لبايدن في سياساته، لكنه دراما الانتخابات الأميركية تتجسد أمامك. أما الناطقة باسم الخارجية السوفييتية فقالت ان "النظام الانتخابي في الولايات المتحدة بالٍ، ولا يتماشي مع المعايير الديموقراطية الحديثة، وأدوات الإعلام الأميركية باتت أداة في النزاع السياسي" 
مابعد السادس من يناير وترقب لما قد يفعله ترامب قبل التنصيب الرسمي لبايدن، وقلق خارجي وداخلي، ثم تفاصيل العمل على محاكمة ترامب بعد أن تولي بايدن الحكم. أدوار مختلفة لمن يريدون المحاكمة مثل نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الديموقراطية التي استباح المهاجمون للمكان مكتبها بطريقة مهينة. التفاصيل حتى غادر ترامب البيت الأبيض، وكيف لم يذكر اسم بايدن في خطاب الوداع ، وساعات خروجه من البيت الأبيض دقيقة بدقيقة، وقوله لمن حوله" نحن نحبكم وسنعود في شكل ما".

لم يكن حفل التنصيب كالعادة لبايدن فاخرا، فتم تقليصه بسبب الكورونا. خطبة بايدن عن تاريخ أميركا الديموقراطية، وأنه يمكن تصحيح الأخطاء ورأب صدع الاختلافات، وتوجهه في النهاية ومعه نائبته كاميلا هاريس برفقة رؤساء سابقون مثل أوباما وجورج دبليو بوش وبيل كلينتون مع زوجاتهم، لزيارة مقبرة الجندي المجهول في ولاية فريجينيا. كيف بدأت محاكمة ترامب ومن شاركه يوما بيوم في مجلس الشيوخ، وحديث الإدعاء والدفاع بالتفصيل. تمت تبرئة ترامب لكنه أصدر بيانا تضمن انتقادات عنيفة للحزب الديموقراطي متهما إياه " بتحويل العدالة إلى أداة للانتقام السياسي" كيف بعد خمسة أشهر وعشرة أيام من بدء رئاسة بايدن، وافق مجلس النواب الاميركي على مبادرة من الديموقراطيين لتأليف لجنة تحقيق خاصة باقتحام الكابيتول.

صراع الجمهوريين والديموقراطيين حول ذلك. شهادات مهمة جدا ووثائق تم اكتشافها، وحديث الوثائق يمتد إلى وثائق سرية احتفظ بها ترامب، والخوف الذي كان قائما قبل أن يغادر أن يشعل حرباً نووية أو هجوما علي الصين.

يمتد الحديث أيضا إلى وثائق سرية كان يحتفظ بها بادين وهو نائب رئيس في حكم باراك أوباما. كيف استمر الصراع حتي اليوم الذي أعلن فيه ترامب وبايدن ترشحهما الجديد لانتخابات 2024 القادمة. هنا ينتقل الكاتب بعد ثلاثمائة صفحة من التفاصيل الدقيقة والأسماء والكتب والصحف والقنوات التليفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها. ندخل في الأحاديث عن الخطر الذي يهدد الديموقراطية الأمريكية، وأحاديث عن حرب أهلية كادت تنشأ مع هجوم الكابيتول، ولا تزال مكنونة في صدور الكثيرين، وهناك خوف منها. في الكتاب كل الأسماء المؤثرة في السياسة  الأمريكية ودور كل منها سلبا أو إيجابا يعجز المقال عن احصائها والحديث عن مواقفها. تنتهي منه وتسأل السؤال الذي قدمت به المقال، وهو أملي لكتاب علي هذا المستوى من البحث الموضوعي، أن تتم ترجمته إلى الإنجليزية، ليكون جوار كتب كثيرة كتبها أميركيون عن هذه الأزمة. أرجو من مؤلفه حسين جرادي أو من المراكز الثقافية، التقدم به إلى أي من الجوائز العربية التي تعني بالدراسات العلمية، سياسية أو أدبية، ففرصته عظيمة في الفوز ومن ثم الترجمة. هو كتاب علمي بمعنى اعتماده على كتب ووثائق وحوارات لكل من جاء اسمهم فيه.

كتاب جدير بالقراءة من الصحفيين الذين يقدمون متابعات للأحداث يمكن أن يلهمهم القوة في البحث، وكيف يكون الصبر في البحث أساسا للوصول إلى حقائق مدهشة.

ناهيك عن طريقة كتابته التي تثير في القارئ تحمسا للمعرفة لما هو خفي، وتشعل فيه حب الاستطلاع، وكأنه عمل فني مثير. لكن طبعا هنا حقائق وأحداث حقيقية وليست خيالا، وعندما تكون للحقائق قدرة الإثارة التي للخيال، فياله من عمل جميل رائع يستحق كل ثناء.