وكالة مصر الرسمية دون قسم ثقافي.. وعمار علي حسن يتساءل: هل توجد دولة بلا ثقافة؟

ذات مصر

أعلن الشاعر والكاتب الصحفي، علي عطا، إغلاق القسم الثقافي في وكالة أنباء الشرق الأوسط -الوكالة الرسمية لمصر- نهائيًا، بعد عقود من تقديمه آلاف الموضوعات والأطروحات الثقافية المهمة.

وعلق الروائي وأستاذ العلوم السياسية، الدكتور عمار علي حسن، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، على هذا الإعلان بالقول إنه خبر مؤسف جدا، لكنه يتماشى مع الحالة السائدة الآن.

وأضاف: "شيء لم تقدم على فعله حتى وكالة أنباء جزيرة تائهة في محيط، أو مصطبة قبيلة معزولة عن العالم إن فكر أبناؤها في وسيلة تعبير عن حالها. أما وكالات أنباء الدول المتقدمة فتعتبر متابعة أخبار الثقافة جزءا أصيلا من عملها، بل جانبا من مهمتها ورسالتها، ودفاعها عن الدولة، إن كانت وكالة رسمية. فهل توجد دولة بلا ثقافة؟ وهل لمصر العظيمة العريقة الغنية بإنتاج مثقفيها، يمكن لوكالتها الرسمية الاستغناء عن الثقافة؟".

وتساءل: "هل في مصر الآن سياسة؟ لقد ماتت ودفنت وتلقى المصريون عزاءها؟ وهل في مصر اقتصاد؟ كيف والدولة تبيع أصولها لسداد ديوانها التي تزيد كل يوم".

وتابع: "مصر لا تزال، رغم كل عوامل التعرية التي هبت علي ثقافتها، ورغم أن علاقة السلطة الحالية بالثقافة مثل علاقة فلاح أجير بالبرمجة، فيها كثيرون من منتجي الآداب والفنون والمختصين في العلوم الإنسانية، وحتى خبراء العلوم البحتة الذين يعرفون همزات الوصل بينها وبين الثقافة العامة، وآلاف من الفنانين التشكيليين والممثلين والموسيقيين، وآلاف من كتاب الأدب، روايات وشعر وقصص قصيرة ومسرحيات ونصوص عابرة للأنواع وأدب رحلات، وآلاف من الباحثين في مختلف أنواع العلوم الإنسانية، المتميزون منهم أكثر عددا، وأطول مددا، من بلاد كثيرة".

وأكمل: "صحف ومواقع إخبارية عربية  كثيرة تنتظر أخبارا وتقارير وتحقيقات وحوارات عن الثقافة والأدب والفن في مصر، وتأتي الوكالة الرسمية لتلغي القسم الثقافي، لمجرد أن رئيس تحريرها الجديد يعتقد أن الثقافة شيء تافه يمكن إزاحته، أو شيء كريه يجب تجنبه، وأن كراهية المعرفة هي السبيل الذي يتقدم عليه كل الذين يجلسون في الكراسي الإدارية العليا. هل يتوهم رئيس تحرير الوكالة أن الاقتصاد، الذي هو محرر ومترجم في شؤونه، بعيد عن الثقافة وشؤونها وشجونها. ألم يقرأ الرجل عن رأس المال الثقافي للأفراد والدول؟ ألم يصل إلى رأسه شيء عن اقتصاديات المعرفة، أو الصناعات الإبداعية، التي تدر على الولايات المتحدة دخلا أكبر مما يدره السلاح؟ ألم يترجم شيئا في حياته الصحفية عن دور الثقافة في الاقتصادات المتقدمة؟".

وأردف: "أقول هذا دون مصلحة لي، فقد صدرت تعليمات منذ سنين بعدم نشر أي تصريحات لي في الوكالة، ولا أي أخبار عن إصداراتي من الروايات والمجموعات القصصية والكتب الفكرية، وقيل لي إنهم يخشون من نشر أي أخبار عن كاتب معارض، أو أن لديهم تعليمات عليا بهذا، كما هي لدى المؤسسات الصحفية القومية. لكن منذ متى كنا نقصر الاهتمام على مصلحة فردية أو منفعة خاصة؟!!".

واختتم تدوينته قائلًا: "لقد تم إمراض الثقافة المصرية عن إهمال وجهل، أو عمد وقصد، وهي مسألة يرصدها كتاب "تحولات الثقافة في مصر" للكاتب صبحى موسى، الذي صدر قبل شهور، عن داري نشر هما بيت الحكمة ودار النسيم. هذا الكتاب شرح جانبا كبيرا من السلبيات التي حلت بالمؤسسات الثقافية، والفاعليات الأدبية والفنية. إنه تقرير حالة عن وضع الثقافة المصرية الراهنة، يبين كيف سرى الخراب في أوصالها، لا غنى عنه لمن أراد أن يشخص المرض، من أجل وضع علاج، إن لم يكن الآن، ففي زمن آت لا محالة".