مسلسل الحشاشين لعبد الرحيم كمال.. أباطيل وأبطال من وحي سرقة رواية «آلموت»

مسلسل الحشاشين
مسلسل الحشاشين

مِن الوهلة الأولى ملأ الشكُ عقلي للعُنوان الفرعي لمسلسل «الحشاشين.. أباطيل وأبطال من وحي التاريخ»، وعملًا بمقولة الإمام أبو حامد الغزالي، فى كتابه البديع «ميزان العمل»: «الشكوك هي المُوصلة إلى الحق، فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يُبصر، ومن لم يبصر بقي في العمى والضلالة».

ومن حسن المُصادفة، أني وجدت الإمام أبو حامد الغزالي أحد «أبطال» المسلسل، ففرضت الشك فى الأبطال، والأحداث، والمَشاهد، وصَمَتُّ صَمْتَ المتصوفة، عملًا بمقولة المتصوف الشهير سهل بن عبد الله التستري‏:‏ «ما صار الأبدالُ أبدالًا إلا بأربع خصال: بالصمت، وإخماص البطون، والسهر، والاعتزال عن الناس»‏.

ولم أبُدِ رأيًا فى المسلسل؛ على الرغم من كثرة المتكلمين، والمُتهِّمين، والمنتقدين للعمل بالمغالطات التاريخية، واستخدام اللهجة العامية، وكل هذا مع احترامي لأصحاب هذه الآراء قضية فرعية بالنسبة لي، ما لم أقتل هذا الشك المُحيِّر.

أباطيل كثيرة عرضها المسلسل، وصاغها المؤلف عبد الرحيم كمال، داخل ثنايا كل شخصية من شخصيات المسلسل، وشكوكي جعلتني أنظر، ومع التركيز أكثر أُبصر، فوجدت قنديلًا صغيرًا مُضيئًا فوق كل شخصية من شخصيات المسلسل مكتوبًا عليه «فلاديمير بارتول»، وأيقنت أنه حتى الأباطيل تمتلك قناديل مُتوهجة.

***

 فلاديمير بارتول «1903 - 1967»

يُعَدُّ من كتاب الأقلية السلوفينية فى إيطاليا، وذاعت شهرتُه من خلال روايته «آلموت» 1938، التى تُعدُّ درة تاج الأدب السلوفيني.

قالت الموسوعة البريطانية عن روايته: «إن رائعة فلاديمير بارتول (آلموت) أحد الأعمال الغنية التي تكتسب معانيَ جديدة في أثناء رحلتها نحو المستقبل».

 وهناك بعض تأويلات النقاد تُشير إلى أنه كتب هذه الرواية تحديدًا إسقاطًا سياسيًا على ما كانت تعيشه الأقلية السلوفينية فى إيطاليا.

وخلال الحرب العالمية الثانية انضم إلى الثوار السلوفينيين، وشارك بنشاط في حركة المقاومة، وتعرَّض لرقابةٍ شديدة في الحقبة السوفيتية.

قرأ بارتول عن الحشاشين أثناء دراسته في باريس، وقضى 10 سنوات لإجراء بحث مُكثف حول الطائفة الإسماعيلية النزارية، ولاحقًا انتُخِب في الأكاديمية السلوفينية للعلوم والفنون كعضو منتسب.

وتُرجمت رواية «آلموت» لأكثر من أربع عشرة لغة، منها: «التشيكية، الإنجليزية، الفرنسية، العبرية، الإيطالية».

أما الترجماتُ العربية، فهي:

١- آلموت 2005، ترجمة المترجمة هالة صلاح الدين لولو، مراجعة د.حسان عباس، عن دار أمواج، بالتعاون مع دار ورد البيروتية.

٢- آلموت 2009، ترجمة فاطمة النظامي، عن منشورات الجمل.

٣- قلعة النسور 2010، للمترجم العميد المتقاعد طلعت الأيوبي، عن دار نشر يحسون البيروتي.

وترجمة هالة صلاح الدين لولو، هى ما اعتمدتُ عليه فى نقل المَشاهد والحوارات المأخُوذة.

***

هل الإيديولوجيا والتاريخ يُحرِّكان الخيال؟

لا أناقش صحة وقائع تاريخية فى مسلسل الحشاشين، فالدراما التاريخية ترتكزُ على جانبين فى بناء العمل الفني، أولهما: جانبٌ متصل بالحدث التاريخي «الحكاية»، وثانيهما: الجانب التخيُّلي «الإبداعي»، أو ما يمكن تسميته بـ«الحقيقة التاريخية»، و«الحقيقة الروائية»، ونحن لسنا هنا لنقاش «الحقيقة التاريخية»، وإن كنا سنتطرق إليها، على سبيل الاستئناس، والاستشهاد.

***

عبد الرحيم كمال

كاتبٌ له كتبٌ أدبية، وسيناريست مُخضرم، من سنوات طويلة، يتبع الطريقة «التيجانية» الصوفية، ومُقرب من صانع القرار المصري الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان هذا واضحًا فى مداخلة هاتفية للرئيس.

***

الكاتب عبد الرحيم كمال.. تأثيرات أم سرقات؟

فى عام 2019 وجهت الكاتبة نهال سماحة اتهامًا لصناع فيلم «خيال مآته»، وكاتبه عبد الرحيم كمال بسرقته، وتم احتواءُ الأمر فى النهاية.

ثم تم اتهامه فى موسم رمضان 2021 بسرقة مسلسل «نجيب زاهي زركش» من مسرحية «فيلومينا» Filumena   Marturano  التي عُرضت عام 1947 للكاتب الإيطالي والمخرج إدواردو دي فيليبو 1900- 1984، وتم اقتباسها لفيلم «الزواج على الطريقة الإيطالية» عام 1964، من إخراج فيتوريو دي سيكا، وبطولة صوفيا لورين.

وفى سياق مسلسل الحشاشين، صرَّح الزميل الصحفي طايع الديب في مداخلة هاتفية مع برنامج «نجوم» على إذاعة «موزاييك» التونسية، بأن مسلسل «الحشاشين» ليس من وحي التاريخ، ولا يعتمد على وقائع تاريخية، كما يُسوّق له، وإنما استوحى عبد الرحيم كمال أحداثه من الفانتازيا التي قدمها الكاتب الفرنسي من أصول لبنانية «أمين معلوف»، في روايته «سمرقند»، وبالتالي فهو عملٌ فني من وحي معلوف، هذا هو تصريح الزميل الصحفي، فى حين أنه لم يشاهد من المسلسل إلا حلقة ونصف فقط؟!

وأيضًا أكد تصريح الأستاذ طايع الديب الدكتور يوسف زيدان فى بث على صفحته على الفيسبوك، حيث قال إن المسلسل كُتب من وحي رواية «سمرقند»؟!

والحقيقة أن هناك روايات عديدة تناولت حسن الصباح، والحشاشين، ومن هذه الروايات التي توقفتُ عندها بالقراءة والملاحظة:

١ -  رواية «قيامة الحشاشين»، للكاتب التونسي الهادي التيموني، عام 2021.

٢ -  رواية سمرقند، لأمين معلوف، المنشورة سنة 1988.

٣-  رواية «الحشاش»، لمحمود أمين.

٤-  رواية «آلموت»، فلاديمير بارتول.

ولقد رأيتُ التماثل الأكبر فى رواية «آلموت».

***

حبكة مسلسل الحشاشين ورواية آلموت

قصة مسلسل «الحشاشين»

يدور المسلسل في القرن الحادي عشر ميلادي، نتعرف من خلاله إلى حسن الصباح، وعهده مع صديقيه نظام الملك وعمر الخيام، ورحلة صعوده، وصراعهم، وتأسيس حسن طائفة تحتمي بقلعة حصينة فى الجبل، وقيادته فرقة اشتهرت بعمليات اغتيالات دموية لشخصيات سياسية في تلك الحقبة. فدخلت في معارك مع العباسيين، والفاطميَّين، وكذلك مع السَّلاجقة، والأيوبيين، والصَّليبيين، وفي سياق موازٍ تدور قصة موت المؤذن، ورحلة يحيي للانتقام مِمَّن قتل أباه، فينضم للجيش السلجوقي، وتُخطف حبيبته نورهان من قِبل تاجر عبيد فى الصحراء ليكون مصيرها قلعة حسن الصباح.

ويقابلها فى القلعة أثناء حلم الجنة الذي يُسبب ارتباكها لدى رؤيته فى قتل زميلة لها من حوريات الجنة، ينضم يحيي للفدائيين فى قلعة ألَموت، هو وزميلاه فى الجيش سليمان وطيفور اللذان تكون نهايتهما الرمي من سور القلعة.

يُكلَّف يحيي بقتل الخليفة العباسي، فيذهب إلى السلطان السلجوقي عدو حسن الصباح؛ ليبلغه أنه على استعداد لقيادة جيش لتدمير قلعة ألَموت، تحاك المؤامرات ضده ويتم إعدامه.

***

قصة رواية آلموت

تدور الرواية في القرن الحادي عشر في قلعة ألَموت التي استولى عليها حسن الصباح، وتبدأ برحلة الشاب ابن طاهر الذي ينوي الانضمام إلى قلعة ألَموت. وهناك يتم إعداده كفدائي.

يخلق لهم حسن الصباح جنة وهمية من الحوريات الجميلات، وحيوانات، ومناظر خلابة داخل القلعة، وتحت تأثير عقار الحشيش يتم إقناع الفدائيين بأنهم بالفعل فى الجنة.

في هذه الأثناء، تنضم حليمة إلى الحوريات الأخرى في الحديقة التي كان حسن يبنيها، وتتعلم الفتيات الصغيرات فنونًا مختلفة على يد مريم.

في الوقت نفسه، يحاصر الجيش السلجوقي ألَموت، ويتم أسر بعض الجنود، ويقرر حسن إظهار قوته لهم. يأمر فدائيين «يوسف وسليمان» بقتل نفسيهما، سليمان بطعن نفسه، ويوسف بالقفز من فوق البرج.

 بعد الحصار، يأمر «حسن» ابن طاهر بالذهاب وقتل الوزير الأعظم للسلطان السلجوقي نظام الملك. فحسن يريد الانتقام لخيانة النظام له منذ زمن بعيد. ابن طاهر يطعن الوزير، ولكن قبل وفاته يكشف الوزير حقيقة خداع حسن لقاتله وتغريره به. عند سماع حسن الصباح عن نجاحه فى المهمة، أخبر مريم أن ابن طاهر قد مات نتيجة للاغتيال.

ويقرر ابن طاهر العودة إلى ألَموت وقتل حسن الصباح. عندما يعود ابن طاهر، يستقبله حسن ويكشف له أيضًا شعاره الحقيقي: «لا شيء حقيقة مطلقة، كل شيء مباح». بعد ذلك، سمح لابن طاهر بالذهاب ليبدأ رحلة طويلة حول العالم. فدائي آخر يقتل السلطان السلجوقي وتذوب الإمبراطورية السلجوقية. ويحبس حسن نفسه في برج القلعة.

***

 القصة الموازية والشخصيات

كما أكدنا سابقًا سنركز على ما أخذه الكاتب عبد الرحيم كمال، ولا يمكن إغفال أن القصة الفرعية ليست من وحي التاريخ، وليست من إبداع الكاتب التي شخوصها هُم:

مسلسل الحشاشين.. رواية آلموت

 يحيي بن المؤذن = عوني حفيد المؤذن

 المؤذن الأب = المؤذن الجد

نورهان = مريم

 طيفور = يوسف

 سليمان = سليمان

 زيد بن سيحون = أبو علي

وقصة المؤذن الذي قُتل لها سندٌ من التاريخ، فلقد ذكرها د. محمد عثمان الخشت كأولى عمليات الاغتيال فى صفحة 62 من كتابه «حركة الحشاشين»، فيقول:

قتل مؤذن من أهل ساوة كان مقيمًا فى أصفهان.

وعلى هذا الأساس، استند فلاديمير بارتول فى مساوقة قصة خيالية لثأر حفيد المؤذن مِمَّن قتل جده، ودخوله حلم الجنة وتعرفه إلى حبيبته، وصداقته ليوسف وسليمان، وتكليفه بقتل نظام الملك، ومحاولة قتل فاشلة منه لحسن الصباح، وموت صديقيه سليمان بالخنجر، ويوسف بإلقاء نفسه من فوق سور القلعة.

أكرر، كلُّ هذا إبداع الكاتب فلاديمير بارتول، وتم أخذ مشاهد حوارية طويلة تتعلق بالقصة الرئيسة: قصة حسن الصباح وقلعته، ونظام الملك، وعمر الخيام.

***

المَشاهد المسروقة من رواية «آلموت»

 «يحيي بن المؤذن/ ابن الطاهر حفيد المؤذن»

•  دخول يحيي بن المؤذن/ ابن الطاهر المؤذن الجنة وارتباكه فيها:

-  المسلسل الحلقة 18 من الدقيقة 17:10 إلى 17:22

-  رواية آلموت من صفحة 343 إلى 368

•  أحلام وهلاوس يحيي بن المؤذن/ ابن الطاهر المؤذن عقب الخروج من الجنة:

-  المسلسل الحلقة 19 من الدقيقة 20:05 إلى 25:40

-  رواية آلموت صفحة 396

•  تكليف حسن الصباح ليحيي بن المؤذن بقتل السلطان السلجوقي/ تكليف ابن الطاهر حفيد المؤذن بقتل نظام الملك:

 -  المسلسل الحلقة 25

-  رواية آلموت صفحة 423

•  محاولة يحيي ابن المؤذن قتل حسن الصباح/ محاولة ابن الطاهر حفيد ابن المؤذن قتل حسن الصباح:

 -  المسلسل الحلقة 20 من الدقيقة 26:25 إلى الدقيقة 27:58

-  رواية آلموت من صفحة 502 إلى صفحة 509

•  قتل أصدقاء يحيي بن المؤذن/ ابن الطاهر حفيد المؤذن سليمان:

 -  فى المسلسل قتل بالسيف الحلقة 20 من الدقيقة 28:22 إلى الدقيقة 31:25

-  رواية آلموت قتل نفسه بالخنجر صفحة 461

•  مشهد استقبال الوفد الفرنسي فى المسلسل/ مشهد استقبال الوفد السلجوقي فى الرواية:

-  المسلسل الحلقة الأولى من 4:36 إلى 6:45

تم إلقاء طيفور من فوق سور القلعة بعد قتله

-  الرواية من صفحة 457 إلى صفحة 463

ألقى يوسف بنفسه من فوق أسوار القلعة

***

مشاهد مسروقة من القصة الرئيسة

1- مشهد مُحاكمة حسن الصباح لابنه وقتله والحوار المستخدم فيه

صرح المؤرخ أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة الأزهر، ورئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، ورئيس هيئة المخطوطات الإسلامية بتاريخ ٩ أبريل ٢٠٢٤- بأن «مسلسل الحشاشين من أهم المسلسلات التى عُرضت خلال شهر رمضان، فهو عملٌ تاريخى درامى يليق بمصر ومكانتها، وبالنسبة لأحداث المسلسل تأتى من وحى خيال المؤلف والمخرج، فكُتبُ التاريخ لم ترصد واقعة قتل حسن الصباح لابنه، ولكن الأحداث مبنيَّة على الحبكة الدرامية بشكل مميز».

وفى «المصري اليوم» يصرح بتاريخ ٣٠ مارس ٢٠٢٤:

«لا توجد أي معلومات في كل كتب التاريخ عن أن حسن الصباح قتل ابنه»، فمن أي مصدر استقى منه عبد الرحيم كمال مشهدين بالحوار الدائر فيهما، وتحويله إلى اللهجة المصرية العامية؟!

2- «مشهد حواري» 

دخول حسن الصباح زنزانة الحسين ابنه فى الحلقة 15 من الدقيقة 25:17 إلى الدقيقة 27:13، مماثلٌ لما فى رواية «آلموت» من صفحة 529 إلى صفحة 531 والفارق هو دخول الحسين عليه مُكبل بالقيود.

3- مشهد المحاكمة

 فى الحلقة 15 من الدقيقة 27:22 إلى الدقيقة 30:26 مماثلٌ لما فى رواية «آلموت» من صفحة 531 إلى صفحة 538.

وهذا تلخيصٌ للمشهد.. فبعد أن قتل الحسين الداعية «نوري زان» المسئول عن رعايته في إحدى القلاع التابعة لحسن الصباح، بسبب تعديه عليه، وعدم تنفيذ أوامره- أمر حسن الصباح أن يتم إحضار ابنه من إلى قلعة ألَموت بالسلاسل كالعبيد.

كما أمر بأن يتم عرضه على الدعاة في حضوره لإصدار الحكم عليه.

 ورغم توسل زوجته له بعدم إيذائه لابنه، فإنه رفض بحُجة أن ابن حسن الصباح يجب أن يكون قدوة وعبرة لغيره.

وفي المحاكمة، أصدر حسن الصباح حكمه بأن من قتل يقتل، ليتم قتل ابنه الأكبر الحسين أمام الجميع، بعد رفضه طلب العفو منه

 وهذه أجزاء من حوار المُحاكمة من الرواية:

استدعيت المحكمة العليا للانعقاد صباح اليوم التالي، وترأس الجلسة أبو علي.

-  وجه أبو علي إليه الاتهام باقتراف جريمتين. كانت الأولى التمرد ضد رئيسه. والثانية قتله. والعملان يستحقان الموت.

  -  أتعترف بجُرمك يا ابن الحسن؟

-  لا أعترف بأي جرم. أعترف فقط بالأفعال التي تتهمني بها.

 -  إن التمرد وحدَه فى وجه رئيسك يستحق عقوبة الموت.

صرخ الحسين:

-  لا تنسَ أني ابن القائد الأعلى!

- لا يعرف القانون استثناءً. لم تكن أمام «القيني» إلا جنديًا بسيطًا، ونحن نوجه الاتهام على هذا الأساس 

أبوعلي:

كما ترى، أنت فيها الآن. أليس أي عذر تتعلل به؟

 -  وأي عذر تنتظر مني؟ إن «القيني» وشى بي غدرًا إلى أبي ليتمكن من التخلص مني. لم يكن بوسعي التساهل مع معاملة كتلك! أنا لست رجلًا من العَوَام. أنسيت أني ابنُ القائد الأعلى. قائد الإسماعيليين!

 -  وأنت تمردت عليه. إن القائد قد أمر شخصيًا بوضعك فى الأغلال لتعاقب. ثم إنك قتلت رجلًا لم يفعل شيئًا سوى أنه نفذ الأوامر.أتقر بأن الأمور جرت على هذا المنوال؟

 -  نعم لقد جرت تمامًا كما تقول

  -  ممتاز.

ومن حوار المحاكمة:

يلتفت أبوعلى إلى الحسين بن حسن الصباح يقول:

-  أيها المحكوم عليه! أتريد طلب العفو من القائد الأعلى؟

ردَّ الحسين، وقد اشتعل غضبًا:

-  أبدًا! لن أتوسل إلى أب يسلم ابنه للجلاد.

قال أبو علي:

-  تغلب على عنادك! هذا العفو فرصتك الأخيرة.

ومن الحوار:

اقترب برزك أوميد وعبد الملك من السجين وقال:

-  استدرك الأمر يا ابن الحسن، ما عليك إلا أن تقول كلمة واحدة، وأتكفل بعدئذ ببذل الجهد لإقناع أبيك.

4- مشهد السفينة

مشهد حسن الصباح «كريم عبد العزيز» على السفينة التي كان على متنها متجهًا إلى المغرب، فحين ضربت البحر عاصفة قوية، ودخل جميع الركاب في حالة من الفزع، والسفينة على وشك الغرق، وقف حسن الصباح على مقدمة السفينة، مُتمتمًا ببعض الكلمات لتهدأ العاصفة بعدها، ويقول للركاب إنها بركة الإمام نزار، ليؤمن به ويتبعه الجميع.

ويكتب لنا المشهد كاملًا «فلاديمير بارتول» فى رواية «آلموت» من صفحة 303 إلى 304:

«كنا على عرض البحر حينما لاحظت أننا لا نبحر صوب سوريا، ما كان قد أعلن بدر الجمالي، وإنما نحو بلاد المغرب، وربما نحو شاطئ إفريقيا. فتساءلت فى نفسي: تُرى هل سينزلونني فى ميناء ما قرب القيروان؟ إن فعلوا، فسيكون ذلك هلاكي. 

وآنذاك هبَّت عاصفة من تلك العواصف المتكررة الحدوث فى ذلك الجزء من البحر، وقبل رحيلي أمر سرًا بإعطائي بضع جرب مملوءة ذهبًا، لقد قدمت واحدة منها إلى القبطان ليعود على أعقابه، ووافق القبطان على أن يوصلني إلى الشاطئ السوري. إذ رأى فى العاصفة التي باغتته فى الجهة المقابلة عذرًا مناسبًا. لقد سحره الذهب. واشتدت العاصفة اشتدادًا عنيفًا، وأصاب المسافرين، ومن بينهم الفرنجة، القنوط. 

وأخذوا يبتهلون بصوت عالٍ ويستغفرون الله. أما أنا، وقد سرني سيرُ أموري على ما يرام، فقد جلست مُطمئنًا فى زاوية صغيرة أزدرد بضع تمرات جافة. أثارت رباطة جأشي الدهشة، ولم يكن المسافرون قد أدركوا أننا غيَّرنا وجهة المركب، وكنت أجيب ببساطة عن استفهام مهم بأن الله أنباني بأننا سنرسو فى مكان ما على الشواطئ السورية. وأن مكروهًا لن يصيبنا فى طريقنا. 

الوحي تحقق في أثناء الليل، وأخذ المسافرون ينظرون إليَّ كَنَبيّ عظيم، وأراد الجميع أن يصبحوا أتباعًا لعقيدتي. أصابني الذعر من هذا النجاح المباغت. لاحظت حينذاك قوة الإيمان وسهولة بعثه فى النفوس. إذ تكفي معرفة أمر ما أكثر مما يعرفه الآخرون، وحينها من السهل فعل المُعجزات».

***

نجح مسلسل «الحشاشين» على المستوى الجماهيري، وخرج بالدراما المصرية من أسر الأماكن المُغلقة، وحاول المخرج بيتر ميمي حذو نهج الدراما السورية؛ حتى شق لنفسه طريقًا إبداعيًا خاصًا به وحدَه، وسط الماراثون الرمضاني.

أما على مستوى النص الدرامي؛ فكانت لنا تعقيباتٌ بالشواهد والنقولات على سرقة النص الروائي من الكاتب «فلاديمير بارتول».

ونحن إذ نذكر هذا، فذلك من باب تحري أصالة العمل الفني المُقدَّم على الشاشة؛ بعيدًا عن أي إساءة شخصية.