عارض عبدالناصر وحافظ وبشار الأسد وهجر «الإخوان»

عصام العطار.. الإسلامي الثائر ضد كل الأنظمة

عصام العطار
عصام العطار

في مقرها بمدينة آخن الألمانية، أعلنت عائلة المفكر الإسلامي السوري عصام العطار وفاته فجر الجمعة الماضي عن عمر يناهز 97 عاما.

ولد عصام محمد رضا العطار في العاصمة السورية دمشق عام 1927 عقب الثورة السورية الكبرى، وكان والده من رجال القضاء الشرعي والعدلي في سوريا، ورئيسا لمحكمة الجنايات، وعرف عنه حبه وتأييده للسلطان العثماني عبد الحميد، ومشاركته في محاربة جمعية الاتحاد والترقي مما كان سببا في الحكم عليه بالإعدام، فقرر الهرب، وعاش عدة سنين بين القبائل العربية في جبل الدروز. 

وفي بيان لها، نعت جماعة “الإخوان المسلمين في سوريا”، وفاة العطار، الذي وصفته بأنه قامة إسلامية كبيرة، وقائد قوي دؤوب حيث كان المراقب العام الثاني لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، الذي قاد الجماعة في ظروف صعبة، كانت تعيشها البلاد.

العلاقة مع «الإخوان»

بدأت علاقة العطار مع العمل الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين بالتحاقه بجمعية "شباب سيدنا محمد"، إحدى الجمعيات التي أسسها مصطفي السباعي، أول مراقب للإخوان في سوريا عام 1945.

يعد العطار من الجيل المؤسس لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وتسلم أول منصب قيادي في عام 1955 من القرن الماضي، حين عقد مؤتمر في دمشق ضم كل شيوخ سوريا الكبار وكل السياسيين السوريين الإسلاميين وكل الجمعيات الثقافية الإسلامية، إذ اختير عصام العطار بالإجماع أمينا عاما لهيئة المؤتمر الإسلامي، وكان في وقتها عضوا في الهيئة التشريعية والمكتب التنفيذي للإخوان المسلمين وعضوا في مكتب دمشق للجماعة.

كان العطار خطيبًا مفوهًا لا يهاب أحدًا ولا يخاف من أصحاب السلطة، فيعبر عن فكره كما يريد، وسرعان ما ذاع صيته وأثر على كثير من الناس وصارت له مكانته في المجتمع، ولكنه دفع ثمن شجاعته بعد أن هاجم  في إحدى خطبه الرئيس السوري السابق أديب الشيشكلي عام 1951 فصدر أمر باعتقاله واضطر للجوء إلى مصر.

وفي مصر، التقي العطار بقيادات جماعة الإخوان وفي مقدمتهم مرشد الجماعة حسن الهضيبي وقاداتها الكبار أمثال عبد القادر عودة و سيد قطب.

ولم  يدم بقاء العطار في مصر كثيرا، حيث اضطر للعودة إلى دمشق لما علم بمرض أبيه عام 1952، واستطاع رؤيته قبل وفاته بعدة أيام.

 وعام 1954 انتخب العطار في المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين، وقاد المظاهرات التي احتجت على إعدام قيادات الجماعة في مصر آنذاك.

وفي العام التالي اختير أمينا عاما لهيئة المؤتمر الإسلامي، الذي ضم كبار شيوخ سوريا، وكان حينها أيضا في الهيئة التشريعية والمكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك عضوا في مكتب دمشق للجماعة، قبل أن يختار ممثلا ومتحدثا باسمها.

موقفه من عبد الناصر

وعقب إعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958، كان العطار من مؤيدي الجمهورية الجديدة لكنه خالف جمال عبد الناصر في أساليب الوحدة التي نادى إليها، فقد رأى في حكمه دكتاتورية وانتقاصا من حقوق الإنسان، خاصة أن عبد الناصر اشترط حل الأحزاب، فقرر حينها السباعي حل جماعة الإخوان المسلمين وهو ما رفضه العطار قرار حل الجماعة، لأنه كان يرى أن الوحدة يجب أن تبنى على أساس ديمقراطي برلماني وعلى صعيد عسكري وخارجي فقط، وليس على حل الأحزاب.

واعتبر العطار ما دعت إليه الحكومتان المصرية والسورية "وحدة دكتاتورية"، فرفض التوقيع على وثيقة حل الجماعة، وسانده تنظيمه فأعلن رفض الوحدة مع مصر وندد بحملات القمع التي مارسها عبد الناصر ضد مخالفيه.

انقلاب البعث

وعقب انقلاب البعث على السلطة في سوريا في الثامن من مارس 1963 رفض العطار الانقلاب ووصفه بالطائفي ورفض المشاركة في الحكومة الجديدة، وهاجم سلطات الانقلاب بشدة وحمته شعبيته من الاعتقال حينها. فما كان من سلطة الانقلاب إلا الرضوخ والإفراج عن الرئيس ناظم القدسي وإعادته إلى رئاسة الجمهورية.

وبعدها بعام قرر الذهاب لأداء الحج، وكانت رحلته تلك ذهابا بلا عودة، فقد منع من دخول البلاد، مخافة استمرار تأثيره في الحياة السياسية، فسافر إلى لبنان.

وفي عام 1964، اختير العطار مراقبا عاما للجماعة في سوريا. وتنقل العطار في تلك الفترة بين لبنان والأردن والكويت وبلجيكا، قبل أن تحط رحاله في مدينة آخن الألمانية، وظل قائدا للجماعة في سوريا حتى عام 1973 حيث تم عزله من منصبه نتيجة نتيجة خلافات مع قيادات الجماعة ليشكل هذا الحدث ما يشبه القطيعة بين العطار والتنظيم.

ثم أعلن العطار ترك جماعة الإخوان وتفرغ للعمل الدعوي في ألمانيا، وأسس هناك مراكز دعوية من بينها "المنتدى الإسلامي الأوروبي للتربية والثقافة والتواصل الإنساني والحضاري"، وكان خطيبا في المركز الإسلامي في مدينة "آخن".

وفي عام 1981 قيدت الحكومة الألمانية حركته، وجمّدت أنشطته السياسية باعتباره لاجئا سياسيا ولكنه بقي حتى وفاته معارضا للنظام السوري وشارك في مؤتمر المعارضة الذي استضافته تركيا عقب اندلاع الثورة السورية 2011.

محاولات اغتيال

تعرّض العطار لعدة محاولات اغتيال، أولاها كانت عام 1963 وكان حينها في منزل الطنطاوي، لكن المحاولة باءت بالفشل. وفي ألمانيا كان دائم التنقل لأن الحكومة الألمانية أخبرته بمطاردة مسلحين له يحاولون قتله.

وبقي العطار هكذا سنة ونصف السنة يتنقل في ألمانيا حتى اغتيلت زوجته بنان (ابنة الشيخ علي الطنطاوي) في 17 مارس 1981، مما ترك في نفسه أثرا كبيرا.

وفي المقابل، كانت نجاح العطار شقيقة الراحل من الدائرة المقربة لنظام البعث طوال عهد الأسد الأب ثم الابن؛ حيث كانت أول امرأة في العالم العربي تشغل منصب وزيرة، طيلة عهد الأب حيث تم تعيينها في منصب وزيرة الثقافة من عام 1976 حتى عام 2000، ومنذ 2006 تشغل منصب نائب الرئيس للشؤون الثقافية لتكون  أول امرأة عربية تشغل منصب نائب رئيس جمهورية.