«بعبع امتحانات الثانوية».. غش وتسريب وفشل لم ينته

ذات مصر

فشلت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، في مواجهة أزمات امتحانات الثانوية العامة، حتى بعد رحيل الوزير طارق شوقي، وتولي نائبه رضا حجازي، مسؤولية الوزارة، فلم ينجح الوزيران في القضاء على مشاكل الامتحانات، والانتقادات المستمرة بشأن وجود أسئلة يصعب حلها أو حتى من خارج المنهج.

الوزارة شددت على مدار السنوات الماضية على إنهاء أسطورة امتحانات الثانوية وصعوبتها، والتحول إلى نظام جديد يقضي على مخاوف الطلاب وأولياء الأمور، لكن التجربة أثبتت فشلها حتى الآن.

التابلت وانقطاع الإنترنت

الوزير طارق شوقي، أعلن بعد توليه مسؤولية الوزارة خطة «طموحة» لتطوير التعليم، وامتحانات الثانوية، وتسليم تابلت للطلاب للدراسة والامتحانات، ومع بدء تجربة «الامتحانات الإلكترونية» عام 2021 تعددت المشاكل وحاصرت الانتقادات الوزارة والوزير.

في تجربتها الأولى، لم تتحمل السيرفرات التي وفرتها الوزارة أعداد الطلاب، وتعطل السيستم أكثر من مرة، ما دفع الوزارة لتزويد الطلاب إلى جانب التابلت بـ«البوكلت» لمواجهة الأزمة وسط تأكيدات أن التجربة في مرحلتها الأولى وسيجرى تحسينها، وإلغاء الامتحانات الورقية تمامًا.

لم تنجح الوزارة وأجهزة الدولة المختصة في مقدمتها وزارة الاتصالات في التغلب على مشاكل التابلت، خصوصًا في ظل التطور التكنولوجي الذي مكن الطلاب من اختراق الأجهزة واستخدامه في أغراض أخرى.

في النهاية فشلت الوزارة في تحسين تجربتها بعد الانقطاع المستمر للأنترنت في المدارس، وعدم قدرة النظام على تحمل أعداد الطلاب، مشيرةً إلى أن المدارس تحتاج إلى تحسين البنية التحتية فيها ما سيكلف الدولة مليارات الدولارات.

وقررت الوزارة بدء من عام 2021 أو 2022 استبدال الامتحانات الإلكترونية بالبابل شيت، والرجوع خطوة إلى الخلف، ولم يتوقف التدهور هنا لكنه امتد إلى تجنيب التابلت جزئيًا والعودة إلى الكتب الخارجية.

نظام الامتحانات.. وتشتيت الطلاب

مع تغير أسلوب الامتحانات من الورقي إلى الإلكتروني والبابل شيت، اتهم الطلاب الوزارة بتشتيتهم خصوصًا في ظل عدم الإعلان عن نظام الامتحانات مبكرًا، مشددين على أن امتحانات عديدة في مقدمتها «الفيزياء، والكيمياء، والتاريخ، والجغرافيا، والديناميكا، والتاريخ، واللغة العربية» كانت تحوي نقاط صعبة وغير مباشرة نهائيًا.

بعض هذه الشكاوى تعلقت بصعوبة أسئلة الامتحانات، وبأنها "تعجيزية"، منوهين بأن واضعي الامتحانات لم يلتزموا بالنسب المقررة سلفًا من الوزارة بشأن إظهار الفروق بين الطلاب، وتعلق بعضها بعدم كفاية الوقت المخصص لأداء الامتحان.

وجاء رد الوزارة حينها، أنه لا يوجد شيء اسمه امتحان صعب أو سهل، وأن الدرجات توزع على نحو يقيس المستويات المتخلفة للطلاب.

وفي هذا العام تصدرت الشكاوى من صعوبة أسئلة الامتحانات تصريحات الطلاب بعد كل امتحان، وكان الحديث أكثر حول وجود أسئلة تعجيزية في امتحان الكيمياء، وهو ما أكده متخصصون، من أن الأسئلة لا تناسب المرحلة التعليمية في الثانوية.

وحاولت وزارة التربية والتعليم، تهدئة الطلاب وأولياء الأمور بعد تزايد الشكاوى، وتأكيد المختصين، ليعلن الوزير رضا حجازي، تكليف اللجنة المتخصصة المكونة من 10 أعضاء من الخبراء في مادة الكيمياء، بمراجعة الامتحان، متابعًا: «إذا اتضحت صعوبة الامتحان أكثر من المحدد له، ستتخذ الإجراءات المناسبة لمراعاة صالح الطلاب وتحقيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص».

التسيب في اللجان.. و«أولاد الأكابر»

ليس هذا فحسب، لكن حالات التقصير والتسيب شهدتها كثير من لجان الامتحانات، إذ نشر طالب ثانوية عامة مقطع فيديو، يوثق لحظات غشه داخل لجنة الامتحان، ويوضح الفيديو حالة التسيب التي شهدتها اللجنة دون مراقبة أو ضبط.

ووثق الفيديو أيضا، لحظة استخدام طالب آخر للهاتف المحمول وهو يصور ورقة الامتحان، ما يعني وجود أكثر من هاتف محمول داخل اللجنة. ما استدعى غضب أولياء الأمور والطلاب، الذين استنكروا مثل هذه الوقائع.

واستمرت ظاهرة "لجان أولاد أكابر"، بعد انتشار بعض نتائج الثانوية العامة يظهر فيها حصول أبناء عائلات بعينها يجرى ضمهم جميعًا في لجنة واحدة على مجاميع مرتفعة، ما طرح العديد من التساؤلات حول حالات الغش الجماعي في الامتحانات.

علق الدكتور طارق شوقي حينها على هذا مؤكدًا أنه سيتم فحص أوراق هؤلاء الطلاب. فيما قرر "حجازي" بعد توليته، منع عقد الامتحانات مرة أخرى في هذه اللجان، وتشديد الرقابة على اللجان التي شهدت أحداث شغب وغش خلال العام الماضي.

تسريب الامتحانات.. «شاومينج» تنتصر

مع تولي طارق شوقي انتشرت ظاهرة تسريب الامتحانات، ووصل الأمر إلى تحدِّ صفحة على فيسبوك باسم «شاومينج»، ما استدعى رد الوزير على هذا بقوله "إن الامتحانات الإلكترونية أكثر تأمينًا من الامتحانات الورقية وتسريبها صعب، وتضمن العدالة بين الطلاب"، موجهًا رسالة لمن يحاول الغش الالكتروني: "لو فكرتوا تعملوا كده هتدفعوا التمن غالي".

وتمكنت صفحات وجروبات مواقع التواصل من تسريب الامتحانات فعلًا، ما دفع "التعليم" للاستعانة بجهات سيادية لمنع ذلك، لكن كل الجهود لم تؤت ثمارها واستمرت التسريبات، بل وصل الأمر إلى تحد الوزارة أكثر بإعلان المسربين قدرتهم على تعديل النتائج.

وعلى نفس الخط، استمر تسريب الامتحانات بعد رحيل شوقي وتولي حجازي، فنشرت مجموعات الغش عبر مواقع التواصل المختلفة الأسئلة والأجوبة لبعض الامتحانات، واستمرت مجموعة "شاومينج" في نشر تسريبات لأغلب امتحانات الثانوية العامة. 

وشهد العام الحالي، تسريب امتحانات الفيزياء، والديناميكا، والجيولوجيا، وعلم النفس والاجتماع. في الوقت نفسه ضبط أكثر من طالب وطالبة بعد تصويرهم الأسئلة خلال تواجدهم في اللجنة، فتم الإمساك بطالبين سربوا امتحان الديناميكا عبر هواتفهم، فيما أوضح وزير التعليم، رضا حجازي، أن الوزارة لديها كافة أدوات الرصد لمختلف الفيديوهات التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي.

في امتحان الفيزياء، طالت وزارة التعليم اتهم أحد أساتذة الدروس الخصوصية من واضعي الامتحان بتسريب الأسئلة لطلبته، فقررت وزارة التربية والتعليم إحالته إلى التحقيق، ومعاقبته بالحرمان من المشاركة في امتحانات الثانوية بأي صورة كانت، لمدة 5 سنوات، مع جزاء شهرين، بعد اتهامه بـ"إعطاء دروس خصوصية لطلاب الثانوية العامة" بما يتنافى مع مهمته في اللجنة.

ولم تستطع الوزارة منع التسريبات المتكررة للامتحانات، حتى مع تشديد العقوبات واتخاذ إجراءات للقضاء على ظاهرة التسريب، وصلت حد الحبس 7 سنوات على الأكثر، وفرض غرامة تصل إلى 200 ألف جنيه.

الغش في الامتحانات.. ولجان «أولاد الأكابر»

أرقام الغش في امتحانات الثانوية العامة لم تختلف كثيرًا في الماضي والحاضر، ففي امتحان «اللغة العربية» هذا العام مثلا، رصدت 5 حالات غش في عدة محافظات، قبل مرور الساعة الأولى من الامتحان. فيما ضبطت 6 حالات من الغش العام الماضي. 

واتخذت الوزارة قرارًا بحرمان كل طالب يتورط في الغش من الامتحانات مدة عامين. واتخذت قرارات أخرى لمنع الغش منها، عدم اصطحاب الهاتف المحمول داخل اللجنة، سواء للطالب أو المراقب، ومنع أي وسيلة إلكترونية داخل لجنة الامتحان، واستجد هذا العام أن جهزت الوزارة لجان امتحانات الثانوية العامة بكاميرات مراقبة لرصد أى محاولات غش أو مخالفات، وأيضا، وضع أكثر من باركود بكراسة الأسئلة والبابل شيت لرصد المخالفات والوصول إلى هوية الطالب الذى يرتكب مخالفة.

مع ذلك، لم تنجح الوزارة في القضاء على حالات الغش تمامًا كما كانت تتوقع، بل إن حالات الغش ما زالت مستمرة، وتتوالى الأخبار عنها يوما بعد يوم، وما زالت الوزارة ترصد حالات غش جديدة كل يوم.