هلال عبدالحميد يكتب: طوفان الأقصى.. والعرب والغرب وحقوق الإنسان

ذات مصر

صعب للغاية إن نكتب، بينما يتعرض الشعب الفلسيطني للإبادة الجماعية، ونشاهد الأطفال والنساء والمدنيين العزل  تلقى عليهم الحمم، فتحول غزة لجحيم 

أعرف إن للحرية ثمن، وللمقاومة ضريبة،ولكن هذه الضريبة لا يجب ان يدفعها أطفال ومدنيون، فذلك يتناقض مع كافة الشرائع  والقوانين الدولية.

ولكن المفجع ليس الموقف الأمريكي أو الغربي وسوف نتناوله، ولكن المفجع حقيقة هو الموقف العربي، وكأن  ما يحدث خارج اطار الاهتمام.

لماذا لم يتخذ العرب مواقف دبلوماسية، مجرد مواقف دبلوماسية قد تردع الصهاينة ولو قليلًا؛ ويشعرون بأنهم سيدفعون ضريبة لقتلهم الأطفال والمدنيين، لماذا لا يوقف العرب خطوات تطبيعهم.

هناك خطوات دبلوماسية كثيرة تعرب عن الامتعاض كاستدعاء السفير الصيوني، وايصال رسالة امتعاض، أو سحب السفراء العرب من الكيان للتشاور، وقد فعلها الرئيس  مبارك عام ٢٠٠٢، عندما سحب  السفير المصري اللواء سعد مرتضى من الكيان الصهيوني احتجاجًا على اجتياح لبنان ١٩٨٢وحتى ١٩٨٦ عندما عين مبارك السفير محمد بسيوني والذي تم استدعاؤه عام ٢٠٠٠احتجاجًا على عنف الصهاينه ضد انتفاضة الفلسطينيين الثانية واستشهاد محمد الدرة، وقررت حكومة المجلس العسكري بعد ثورة يناير سحب  سفيرنا ياسر رضا   بعد استشهاد ٣ جنود مصريين على الحدود المصرية الصهيونية.

كما سحب الرئيس الأسبق  محمد مرسي سفيرنا لدى الصهاينة السفير عاطف الأهل احتجاجا على اغتيال الصهاينة لأحد القادة العسكريين لحماس، ولم يعد السفير المصري للكيان إلا  في ٢٠١٦، فلماذا لم تفكر القاهرة في سحب سفيرها من الكيان احتجاجًا على تحويل غزة لمقبرة جماعية؟!!! والقاء ما يعادل ربع  قنبلة نووية من المتفجرات  كما جاء بتقرير المرصد الاورومتوسطي ، ما الذي جرى في النهر من مياه كي لا تكرر مصر ما فعلته مرارًا وتكرارا لاكثر من ٣ عقود ؟!!!

وفي الوقت الذي تدعم فيه الولايات المتحدة الامريكية ماديًا ومعنويا وترسل حاملتي طائرات، وترسل مزيدًا من الذخائر والأسلحة لتساعد الكيان الصهيوني في اغتيال أكثر من ١٠٠٠ طفل وأمراة وأكثر من مثلهم من المدنيين مع أصابة أكثر من ١٢ ألف مدني اكثر من نصفهم من الأطفال والنساء.

كما تزود الولايات المتحدة الامريكية الكيان بـ ١٠ مليارات التي طلبتها الحكومة الصهيونبة شديدة التطرف، في الوقت الذي تشحن الولايات المتحدة إعلامها بأكاذيب وترص صفوف الغرب لدعم الصهاينة، فإن العرب والمسلمين جميعًا لا يستطيعون مجرد  ادخال ربطة شاش أو  كيس قطن لتضميد جراح مصاب واحد، يا للذل ويا للمهانة،يُقَّتل أطفالنا ونساؤنا ونحن غير قادرين على مجرد التعبير عن الغضب.

حقوق إنسانهم وحقوق إنساننا

في الوقت الذي قام فيه الغرب، ولم يقعد حتى الآن بسبب حرب روسيا على أوكرانيا ووصفوه بالاحتلال، وزودوا أوكرانيا بكل الأسلحة لصد المستعمر الروسي، وادانوا قصف المدنيين فانهم يعتبرون المقاومة الفلسطينية للاحتلال والاستيطان ارهابًا!!، ويتباكون على قتلى المستوطنين بالأراضي الفلسطينية، بينما يشجعون الصهاينة على مواصلة قصفها لغزة وقتل اطفالها !!

وإذا كان وزير حرب الصهاينة وصف الفلسطينيين بالحيوانات البشرية وانه سيقتلهم ويمنع عنهم الطعام والشراب والطاقة والعلاج ، فإن الغرب واقعيًا ينظر الينا وكأننا لا نصل لمرتبة الحيوانات فالحيوانات لديهم عندها حقوق ينتفضون من أجلها!!

ونظرة الغرب الينا ليست طارئة، بل هي نظرة متأصلة، منذ عصور الاحتلال، والعبودية لمواطني افريقيا وحتى حرب العراق ومعاملة جنودهم للعراقيين، وقصفهم للملاجيء بالقنابل الخارفة،كما فعلت طائرة أف ١٧ عندما قصفت ملجأ العامرية بصاروخين أحدهما فتح فتحة في الجدار بينما اخترق الثاني الملجأ ليحوله كتلة ملتهبة  من الحرارة بلغت ١٥٠٠ درجة مئوية اذابت أجساد الاجئين فام يخرج مننم الا ٤٠٠ جثة محترقة بينما ذابت بقية الأجساد التي قدرت بأكثر من ألف في أول تجربة لمثل هذا السلاح الحارق ، نفس المتفجرات يستخدمها الكيان باستخدام الأسلحة الفسفورية ضد بيوت الفلسطينيين المكتظة بساكنيها لتحولها إلى بؤر من الجحيم تدفن كل ساكنيها، فهل ينظرون إلينا إلا كحيوانات تجارب ومن غير أي رفق أو تخدير.

لقد ضعفنا وهُنّا، ونشتري الأسلحة من مخازنهم، ونشغّل مصانعهم وعمالهم، فقط ليظل حكامنا على كراسيهم وفقط ، وهم يبتزون هؤلاء الحكام بقضايا حقوق الإنسان ، ليشتروا المزيد من الأسلحة بمئآت المليارات سنويًا، أسلحة لا لزوم لها، وهي  كما  وصفتها إحدى صديقاتي (ككاسات النيش في جهاز العروسة)!!

وكما قال المتنبي: 

من يهن يسهل الهوان عليه 
مــا لـجـرح بميت إيــلام

نحن لا نتهم الغرب جميعًا بأنهم لا يهتمون بحقوق الإنسان، لا فمئات الملايين من المواطنين الغربيين تظاهروا لمنع الحرب على العراق وهم الآن يتظاهرون ضد العدوان، ومنظمات حقوق الانسان الغربية تصدر تقاريرها ضد الانتهاكات الصهيونية فمنظمة هيومان رايتس ووتش وصفت ما يحدث قي غزة بجرائم الحرب وبأن من يغادر غزة  لن يعود إليها أبدًا، وبأن الكيان يستخدم الفسفور الأبيض في غزة كما استخدمه في لبنان.

قد يقول أحدهم أن ما يحدث في غزة نتيجة لما قامت به حماس، وهذا غير صحيح فغزة تتعرض بشكل دوري لمثل هذه الغارات والاقتحامات، ومحاولات التهجير القسري، وما فعلته حماس هو حق مشروع للدفاع عن الأرض وتحريرها وتقره القوانين الدولية فالكيان الصهيوني قوة احتلال واستيطان مقاومته واجبه، وفيما  يقول الصهاينة ان هدفهم هو القضاء على حماس، فان التاريخ والجغرافيا يؤكدان أن دولة الكيان هي من ستزول بمن داخلها.

وكان السابع من أكتوبر وطوفان الأقصى هما بداية النهاية لهذا الكيان الغاصب، ومهما فعل من تدمير وقتل، فإن أصحاب الأرض متشبثون بها ومغروسون فيها، ولن يتركوها أبدًا فمنذ ٧٠ عامًا والصهاينة يستخدمون نفس الأسلحة ونفس الجدر والحوائط والسدود ولكن كل هذا لم ولم يجعلهم ينامون بعيدًا عن الكوابيس.