هلال عبدالحميد يكتب: طوفان الأقصى كشفهم «جيش من قش لا ينتصر إلا على الأطفال والنساء والمدنيين»

ذات مصر

عشنا عقودًا على وهم الجيش الذي لا يقهر، والأسلحة الفتاكة، والقبة الحديدية، والتكنولوجيا فائقة الحداثة، حتى ايقظتنا مقاومتنا المجيدة بفلسطين على فجر جديد كسر أوهام عقود الخوف والرعب الذي عشنا فيه، والطمأنينة الخداعة لمواطني الكيان الصهيوني، الذين تجمعوا من شتات العالم، ليعيشوا تحت علم دولة دينية بغيضة توهم العالم بأنها علمانية وديمقراطية، وبأنها أرض الميعاد.

استيقظنا جميعًا (صباحية) السابع من أكتوبر بالمقاومين الفلسطينيين، يهزون عروش طمأنينة جنود الاحتلال والمستوطنين، كانوا يعرفون أن كاميرات المراقبة شديدة الدقة والحساسية، ترصد لهم ( دبة النملة) داخل قطاع غزة فضلًا عن غلافه، وأن أسلحتهم الفتاكة الأوتوماتيكية ستجهز على كل من يفكر في مجرد الخروج من غزة وليس الوصول لغلافها، بل والدخول ٤٠ كيلو مترًا داخل الأراضي المحتلة، فتحول الكيان لأرض الخوف والرعب والهروب الكبير، بدلًا من أرض الميعاد.

كيف تمكنت المقاومة المحاصرة من الأشقاء قبل الأعداء من استخدام تكنولوجيا مضادة، أوقفت بها كل أجهزة العدو الإليكترونية، وحولتها لأحهزة صماء بتشويش متقن وفعال ؟!

كيف تمكنت المقاومة المحاصرة والفقيرة -إلا من الإرادة- من بناء قوتها التكنولوجية والعسكرية؟!

كيف تمكن بضعة مئات من المقاومين من أسر قادة مدربين ومسلحين ومرفهين، مع جنودهم وسوقهم من مستوطانتهم إلى غزة؟!

كيف فاجئ جيش الاحتلال الصهيوني، وأسقط في يده ولم يتمكن حتى من اللحاق بالمقاومين، وتمكنوا من الذهاب بأسراهم إلى غزة؟!!

 كيف حاول جيش الاحتلال استرداد بعض كرامته التي مُرمغت على تراب الأراضي الفلسطينية المحتلة فأخذ يقصف المدنيين بأحدث الطائرات الأمريكية، وخلال ٢٠ يومًا من حربه ومعه الولايات المتحدة، وبدعم من الاتحاد الأوربي، كيف أنهم لم يتمكنوا إلا من قتل المدنيين ومعظمهم من الأطفال والنساء، بينما صواريخ المقاومة، وللمرة الأولى تقصف تل أبيب ردًا على مجازر الصهاينة للمدنيين بغزة، وتتصدى المقاومة لكل محاولة صهيونية لاقتحام غزة، وتؤكد كل المصادر أن قوة أمريكية خاصة وكييرة من قوت دلتا وصلت للكيان للمشاركة قي تحرير أسرى الكيان، وأن بعضها حاول الدخول لغزة، ولكنها تعرضت لهزيمة كبيرة حسب المصادر الأمريكية.

الشعب الفلسطيني يدفع ضريبة كبيرة من دمه، ولكنه أنهى أسطورة الجيش الذي لا يقهر وإلى الأبد، وأكاد أجزم أن ٧ أكتوبر هو بداية نهاية الكيان الصهيوني، فقد ضُرب هذا الكيان في جذر أساسياته: التفوق.

لقد كُسر هذا التفوق المزعوم في ٦ أكتوبر ١٩٧٣، ولكن كسرته كانت على يد جيش كبير، ومساند من العالم العربي، ولكنه اليوم هزم من المقاومة الفلسطينية المحاصرة ، والمحاربة من القريب قبل الغريب.

لقد هُزمت نظرية التفوق الصهيونية، وإلى الأبد، وانتصرت إرادة المقاومة. 

الثمن باهظ، ولكن متى كانت الحرية بلا ثمن؟! ومتى تحقق استقلال وطن على مر التاريخ دون تضحيات جسام؟!

أنا اتفهم هزيمة الحكام النفسية أمام الصهاينة ومعاونيهم، فهي هزيمة قائمة على أنهم غير منتخبين، والصهاينة والأمريكان ( ماسكين عليهم ذلة)، لكن ما تلك الهزيمة النفسية التي يعانيها بعض الكتاب العرب، وبعضهم يتشدق بالحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان، بينما يتناول المقاومة كتناول الصهاينة لها، ويتماهى مع مواقفهم، بل أحيانًا يكونون أكثر صهيونية منهم، فيتهمون المقاومة بأنها (ارتكبت جرائم حرب ضد فلسطين)! هم يتعاملون مع المقاومة الفلسطينية بتصنيف إيدلوجي، وهذا عار كبير، فالمقاومة فوق الايديولوجيا، فالاحتلال الصهيوني، لا يفرق بين مسلم أو مسيحي أو مقدسات إسلامية اًو مسيحية، ولا تفرق متفجراته بين علماني أو ليبرالي أو يميني أو يساري ، فكيف نصنف نحن المقاومة ؟!! هي تدافع عن فلسطين كل فلسطين وكفاها هذا فخًرًا.

لقد أثبتت المقاومة أنها قادرة وفاعلة ومُوجِعة، وعلى الرغم من كل ظروف الحصار، إلا أنها قادرة على تطوير أدواتها. أما نحن الشعوب، فيجب علينا دعمها بكل ما نستطيع، نحن محاصرون مثلها، ولكننا يجب ألا نعدم وسيلة للمقاومة، ولدعم المقاومين بفلسطين.

عاشت المقاومة 

عاش كفاح الشعب الفلسطيني