أحمد عطا يكتب: نتنياهو في مواجهة التوراتيين.. حرب تكسير عظام 

ذات مصر

لم ينكر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عبر تاريخه السياسي إعجابه الشديد وإيمانه العميق بالحاخام أبراهام شابيرا الذي اشتهر بمُمانعته الشديدة وفتاواه الدينية المُعارضة لاتفاقيات أوسلو، وما ترتب عليها من انسحابات من عدد من المستوطنات وقتها، وكأن نتنياهو يريد أن يرسم ويرسخ لتعليم اليمين المتطرف.

في الوقت نفسه لا تزال «يشيفاه مركاز هراب» تُمثل المعقل المركزي للجماعات اليمينية الأشد عنفًا وتطرفًا في المُجتمع الإسرائيلي. ونظرًا لمكانتها المهمة في الحياة بالنسبة لـ«إسرائيل» اعتاد رؤساء الدولة على مدار السنوات وإلى الآن، المشاركة في الاحتفالات التي تقام في كل عام داخل مدرسة «مركاز هراب» بمناسبة قيام «إسرائيل» وعلى رأسهم رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو.

ولكن فرضت حرب السابع من أكتوبر المعروفة بطوفان الأقصى، مواجهات عنيفة غير معلنة بين نتنياهو وحاخامات المدارس التوراتية المتشددة والتي تمثل 10 % من المجتمع اليهودي داخل إسرائيل، لهذا سارت المواجهات العسكرية بين جيش الاحتلال في مسارين: المسار الأول هو الرغبة الملحة من حكومة نتنياهو في مد أمد الحرب إلى أطول فترة ممكنة، والعزف على نغمة إنقاذ أرض الميعاد وإنقاذ إسرائيل، وقد نجح نتنياهو بدرجة كبيرة في ذلك معتمدًا على خلق حالة من الجدل والرفض لحزمة المفاوضات التي تمت بين نتنياهو وحركة حماس، وبالفعل استمرت الحرب أكثر من ستة أشهر، وحصل نتنياهو على دعم ومساعدات من المنظمات اليهودية في أوروبا وأمريكا تجاوز الـ10 مليارات دولار، هذا بجانب حزمة المساعدات التي رفضها الكونجرس في نوفمبر من العام الماضي، ثم وافق عليها في فبراير من العام الجاري بقيمة 17 مليار دولار، هذا بجانب مساعدات غير معلنة من أصدقاء إسرائيل الأوفياء، سواء كانت مساعدات مادية أو مساعدات سلعية، وكأن الجميع أقسم على أن يصلي صلاة الجواسيس حبًا في حكومة نتنياهو ودعمًا ماديًا لهم بلا حساب.

أما المسار الثاني، وهو الأعنف بالنسبة لنتنياهو الذي وضعه في اختيار حقيقي مع التوراتيين، فبعد عزوف أعداد كبيرة من الشباب (مجندين ومجندات) عن خدمة جيش الدفاع بسبب حالة الرعب في مواجهة جيش الجهاد الإسلامي، وفصائل المقاومة الفلسطينية، حتى أن بعض ممن شاركوا في طوفان الأقصى أصيبوا بالتبول اللاإرادي، مما دفع نتنياهو إلى أن يطلب من التوراتيين المشاركة في التجنيد لدعم جيش الاحتلال، وهو محرم عندهم لأنهم يعدون جيش الاحتلال جيشًا علمانيًا، غير الاختلاط بين المجندين والمجندات، ولكن نتنياهو أصر على قراره لضم شباب التوراتيين للجيش، وأمام إصراره هدد الحاخامات رئيس حكومة اليمين المتطرف نتنياهو بكشف حجم الأموال المهربة لشركة ابنه يائير في كاليفورنيا؛ حيث يمتلك واحدة من أكبر شركات تجارة الماس في العالم، مع رجال أعمال من جنسيات مختلفة ذوي أصول يهودية، بل إن الإدارة الأمريكية على علم بحجم الأموال التي تدفقت على شركة يائير، هذا التهديد جعل نتنياهو يصرف النظر عن دعوة شباب التوراتيين للتجنيد في جيش الاحتلال، في سابقة هي الأول من نوعها حيث ممنوع عليهم ذلك، هذا بجانب خوف نتنياهو من أن يفتضح أمر المحافظ السرية لأعضاء حكومته حيث حققوا ثروات طائلة من مد أمد الحرب في نفس الوقت، في حالة فشل نتنياهو في استرداد الرهائن لن ولم يخطُ خطوة في اجتياح غزة التي يهدد بها طوال الوقت، ولو فعلها سيحرق أهالي الرهائن تل أبيب، ولكنه يناور لتحقيق مكاسب من أطراف دولية وعربية؛ لأنها فرصة تاريخية لتحقيق ثروات طائلة من هذه الحرب، حتى لو احترق الجميع، مستوطنون وفلسطينيون.