هلال عبدالحميد يكتب : بعد قرار البنك المركزي بالموافقة على الرقمنة.. هل ستغلق البنوك التقليدية فروعها وتترقمن ؟!

ذات مصر

 مع تعويم ٢٠١٦ تعرضنا نحن -أولياء أمور طلبة المنحة الإيطالية -لمشكلة كبيرة فمعظمنا نعطي لأولادنا بطاقاتنا البنكية ليدبروا بها أمور حياتهم  بإيطاليا  وهي  بسيطة للغاية ، واتذكر أن هذه البطاقات لم تعد تعمل بالخارج او قلَّ استخدامها لدرجة الندرة، وكان التحويل عبر( ويسترن يونيون ) يكلفنا عمولات فوق طاقتنا ، فمعظمنا-  ١٣٠
ولي أمر -  ندبر مصروفات أولادنا الدارسين بإيطاليا  بشق الأنفس  ، وتوجهت ومعي عدد  من  مجلس أمناء أولياء أمور الطلاب لمقر البنك المركزي لايجاد حل للمشكلة، وعلى الرغم من محاولة البنك  مساعدتنا، لكن المشكلة ، ظلت قائمة، فنصحني ابني  بفتح حساب على تطبيق  (PayPal بايبال ) وكان حسب ما افهمني  وقتها انه  وسيط مالي اليكتروني وخدمي، أو بنك رقمي ، وبالفعل فتحنا  حسابات  عليه.

تذكرت ذلك  عندما قرأت عن قرار البنك المركزي بأعطاء أول رخصة بنك رقمي في مصر تحت اسم (  
   Onebank) وان بنك)

وكان البنك المركزي المصري قد وضع قواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها بجلسة مجلس ادارته بتاريخ ١١ يونيو ٢٠٢٣، ومن بين هذه القواعد: ألا يقل رأس المال المدفوع والمصدر عن ٢ مليار جنيه، وألا  تمول الشركات الكبيرة ، وإن مولتها يزاد رأس المال المصدر والمدفوع لـ ٤ مليار ، وان تساهم مؤسسة لها سابقة أعمال بما لا يقل عن ٣٠٪؜ من قيمة اجمالي رأس المال


 
( انظر نص القرار على  الموقع الرسمي للبنك المركزي المصري)

وبينما تتوسع البنوك العاملة بمصر في انشاء فروعها بالمحافظات والمراكز، بل والقرى ( بالأمس افتتح بنك مصر فرعًا له بقرية  بني عدي التابعة لمركز منفلوط بأسيوط، علاوة على الآلاف من ماكينات الصرف لكل بنك من البنوك العامة والخاصة. وحسب المعلومات المتاحة فان ٣ مؤسسات تقدمت للبنك المركزي المصري بالفعل للحصول على رخصة البنك الرقمي، وأن مؤسسة منها استكملت خطوات التأسيس.

هل البنوك الرقمية تؤثر  على العمالة؟

حسب الضابط الثاني من الضوابط التي وضعها البنك المركزي المصري ( حظــر إنشــاء فــروع مــع الالتــزام بإنشــاء مركــز رئيســي بالنســبة للبنــك المتخــذ شــكل شــركة مســاهمة مصريــة ومقــر رئيســي بالنســبة لفــرع البنــك الأجنبــي الرقمــي). 

ومن المنتظر أن تتحول معظم البنوك للرقمنة في فترة بسيطة للغاية،ولعدم قدرتها على منافسة البنوك الرقمية ستلجأ للرقمنة وستضطر لغلق كل فروعها ما عدا المقر المركزي، وسيحل العنصر الآلي / الذكاء الاصطناعي محل العناصر البشرية ، وستسرح البنوك الغالبية العظمى من عمالتها، فأين ستذهب هذه العمالة، وما الذي تعده الدولة لمواجهة هذا التحول الكبير؟!  

وفي الوقت الذي تزايدت فيه نسبة التشغيل بالقطاع المصرفي -حسب بيانات البنك المركزي -من ١٣٦،٢٦٣ نهاية ديسمبر ٢٠٢٢ إلى ١٣٧،٩٠٨ نهاية يونيو ٢٠٢٣.

فإن البنوك الأمريكية والأوروبية  تسرح نسبة كبيرة من عمالتها بفعل الرقمنة ، وحسب المتداول بالمواقع المهتمة بالبنوك فإن بعض البنوك ستسرح ما بين ٢٥لـ ٣٠٪؜ من عمالتها خلال هذا العام

وحسب الاعتقاد السائد يعتقد الكثيرون ان اتساع قطاع البنوك والشمول المالي سيؤدي حتمًا لتنامي افتتاح البنوك وسيستدعي حتمًا التوسع في التوظيف ، وبناء على عدا الاعتقاد تتوسع كليات التجارة وإدارة الأعمال بشكل كبير وترتفع مصروفات الأقسام الإنجليزية منها سواء بالجامعات العامة أو الخاصة أو الأهلية، فهل سيعيد الطلاب والباحثون عن فرصة عمل حساباتهم خلال السنوات القليلة القادمة ؟. 
وهل هناك رؤية مستقبلية لعمالة القطاع المصرفي خلال نفس الفترة ؟! 
وهذا المثال البسيط الخاص بالقطاع المصرفي، إنما هو فقط مؤشر لما يمكن ان يحدث في بقية القطاعات 
فحسب المنشور بموقع الأمم المتحدة تحت عنوان ( تأثيرات التكنولوجيا الرقمية ) تقول :

(يمكن للتكنولوجيات أن تساعد في جعل عالمنا أكثر إنصافا وأكثر سلما وأكثر عدلا. ويمكن للإنجازات الرقمية أن تدعم كل هدف من أهداف التنمية المستدامة الـسبعة عشر وأن تعجّل بتحقيقه - بدءاً من إنهاء الفقر المدقع إلى الحد من وفيات الأمهات والرضع، وتعزيز الزراعة المستدامة والعمل اللائق، وتحقيق إلمام الجميع بالقراءة والكتابة. لكن التكنولوجيات يمكن أيضا أن تهدّد الخصوصية وأن تؤدي إلى تقلص الأمن وتفاقم عدم المساواة)
ولكن الأمم المتحدة تحذر في نفس الوقت من أن  (ما يقرب من ٨٠٠ مليون شخص سيفقدون عملهم حتى عام ٢٠٣٠ )
فماذا نحن فاعلون، خاصة وأن تأثيرات الرقمنة السلبية عادة ما تصب جام مصائبها على الطبقات الدنيا المحرومة من التعليم والصحة.

وحتى الطبقة الوسطى في مصر والتي تتدهور بشكل كبير وتفقد قدرتها على إيجاد فرص تعليم مناسبة لدخلها.